8استدل سبحانه على التوحيد في الربوبية بآيات منها:
1- قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا . 1فإنّ البرهان على نفي تعدّد الآلهة لا يتم إلاّ إذا فُسّر «الإله» في الآية بالمتصرف المدبّر، أو من بيده أزمّة الأُمور، أو ما يقرب من هذين؛ ولو جعلنا الإله بمعنى المعبود لانتقض البرهان، لبداهة تعدد المعبود في هذا العالم، مع عدم الفساد في النظام الكوني، وقد كانت الحجاز يوم نزول هذه الآية مزدحمة بالآلهة ومركزاً لها، وكان العالم منتظماً، غير فاسد.
وعندئذٍ يجب على من يجعل «الإله» بمعنى المعبود أن يقيّده بلفظ «بالحق» أي لو كان فيهما معبودات - بالحق - لفسدتا، ولما كان المعبود بالحقّ مدبِّراً و متصرفاً، لزم من تعدّده فساد النظام، وهذا كلّه تكلّف لا مبرّر له، والدليل على ذلك عدم خطوره عند سماعه.
2- قوله سبحانه: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إلهٍ إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلهٍ بمَا خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ . 2ويتم هذا البرهان أيضاً إذا فسّرنا الإله بما ذكرنا من أنّه كلّيّ ما يطلق عليه لفظ الجلالة؛ وإن شئت قلت: إنّه كناية عن الخالق، أو المدبّر المتصرف، أو من يقوم بأفعاله وشؤونه؛ والمناسب في هذا المقام هو الخالق، ويلزم من تعدّده ما رتّب عليه في الآية من ذهاب كلّ إله بما خلق، واعتلاء بعضهم على بعض.
ولو جعلناه بمعنى المعبود لانتقض البرهان، لأنّه لايلزم من تعدّده أي اختلال في الكون، وأدلّ دليل على ذلك هو المشاهدة، فإنّ في العالم آلهة متعددة، وقد كان في أطراف الكعبة المشرفة ثلاثمائة وستون إلهاً، ولم يقع أيّ فساد واختلال في الكون.
فيلزم على من يفسر (الإله) بالمعبود ارتكاب التكلّف بما ذكرناه في الآية المتقدمة؛ وما ربّما يتصور من غلبة استعمال الإله في