157حتى كانوا يتمكنون من قبضه بأيديهم، وقيل: المراد بما تناله أيديهم الصغار ورماحهم الكبار عن الصادق (ع) وابن عباس؛ وقيل: بل الأول صيد الحرم لأنسه بهم، والثاني صيد الحل لنفوره عنهم.
الطبرسي في لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ معناه ليعاملكم معاملة من يطلب منكم أن يعلم مظاهرة في العدل، ووجه آخر ليظهر المعلوم وهو أن يخاف بظهر الغيب، فينتهي عن صيد الحرم طاعة له تعالى؛ وقيل: ليعلم وجود خوف من يخافه بالوجود، لأنه لم يزل عالماً بأنه سيخاف فإذا وجد الخوف علم ذلك موجوداً وهما معلوم واحد وإن اختلفت العبارة عنه فالحدوث إنما يدخل على الخوف لا على العلم وقوله: بِالْغَيْبِ معناه في حال الخلوة والتفرد.
وقيل: معناه أن يخشى عقابه إذا توارى بحيث لا يقع عليه الحسّ عن الحسن؛ وقال أبو القاسم البلخي: إنّ الله تعالى وإن كان عالماً بما يفعلونه فيما لم يزل فإنه لا يجوز أن يُثيبهم ولا يعاقبهم على ما يعلمه منهم وإنما يستحقُّون ذلك إذا علمه واقعاً منهم على الوجه الذي كَلَّفهم عليه فإذاً لا بد من التكليف والابتلاء.
والسيوري يقول: إنّ ذلك الابتلاء ليس عبثاً، لصيانة أفعال الحكيم عن ذلك، كما دل عليه الدليل، بل لغاية مقصودة وهي تميز من يخافه بالغيب أي في القيامة ممن لا يخافه؛ وقيل: الغيب حال انفراد المكلف عن الناس. . .
فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ أي من تجاوز حدَّ الله وخالف أمره بالصيد في الحرم وفي حال الإحرام.