95بكّار فضل تأريخ الحوادث، ودقائق الأخبار، والنوادر، مع كثرة ما كتبه عن أخبار مكة، وأبنائها، وأخبار غيرها؛ وأبو الوليد الأزرقي المحدث المكي روى عن تلاميذ ابن عباس، وعن وهب بن منبه راوي الأخبار، وابن إسحاق صاحب السيرة، كان جده أحمد ابن محمد الأزرق (ت219ه-، أو 222ه- / 834 أو 836) جمع من أخبار مكة كثيراً، استفاد منه حفيده أبو الوليد، وصنف كتابه هذا» .
يضيف الأستاذ الدكتور محمد الحبيب الهيلة في التعريف بكتاب العلامة الأزرقي قوله:
«كتاب تاريخ مكة للأزرقي، هو كتاب جامع بين منهج المحدثين في الرواية والسند، ومنهج المؤرخين في عرض الأخبار والفضائل، ووصف المظاهر الحضارية، والعمرانية، وغيرها؛ سبق الأزرقي بوضع أول كتاب جامع لتاريخ مكة، وأخبارها، وفضائلها، وأحوال مبانيها، وخططها، وأحيائها، ومنشآتها المعمارية، والحضارية، ومساجدها، وأسواقها، وآبارها، وعيونها، وجبالها، وأوديتها» . 1وفي التعريف بكتاب الإمام الفاكهي يقول الأستاذ الدكتور الهيلة:
«يعتبر هذا الكتاب من أهم وأوسع الكتب القديمة التي ألفت في تاريخ مكة وأخبارها، وفضائلها، فقد سار فيه الفاكهي على منهج موسوعي، كثرت رواياته، وتنوعت مصادره، وسلك مسلك المحدثين في الرواية من حيث السند، واختيار الرواة، وضبط النصوص، والأمانة في الرواية مع عزو الأخبار، وذكر المصادر، معتمداً في رواية أخبار حوادث مكة على روايات أهل مكة ممن يسميهم أحياناً، ومن لايسميهم أحياناً أخرى. . . وقد ظل كتاب الفاكهي، مع كتاب الأزرقي من أهم المصادر التي نهلت منها كتب تاريخ مكة، وفضائلها على مرّ الأزمان، ومختلف العصور، ونقلت عنها مباشرة، أو بواسطة تأليف أخرى نقلت عنها. . .» . 2يأتي الآن دور عرض ما احتواهما هذان الكتابان المهمان فيما يتصل بموضوع البحث:
* أولاً: كتاب (أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار)
تأليف: شيخ المؤرخين المكّيين، العلامة أبي الوليد محمد بن عبدالله بن أحمد الأزرقي (ت223 ه- / 83(ع) م) .
ورد لديه موضوع الآثار الإسلامية التاريخية في مكة المكرمة تحت عنوان:
(ذكر المواضع التي يستحب فيها الصلاة بمكة المكرمة، وما فيها من آثار النبي (ص) ، وما صح من ذلك) ، ثم عيّنها، و حدّد أماكن وجودها، وما يتعلق بها من أحداث، مع الكشف عن صحة نسبتها، وهو حين يقدم قائمة هذه الأماكن، يوثقها بأحداثها، والمناسبة التي جعلت من المكان معلماً تاريخياً، ولا يكتفي بهذا، بل يختبر تلك الروايات، ويفحصها فحص المؤرخ الدقيق، بكل ما يمكن أن يكشف الحقيقة، فيؤكد الصحيح، ويزيف الضعيف، ويرفض بعضاً منها.
وفي شرح منهجه يقول الأستاذ الدكتور محمد الحبيب الهيلة: