94الجمهور هو الأول، ثم ذكر الأقوال الضعيفة عن مكان ولادته (ص) في مكة، وقدم الصحيح الراجح من تلك الأقوال في شيء من التفصيل، و لايعدو ذكر الأقوال الأخرى التي ضعّفها جمهور العلماء فيقول: «وعليه فاختلف في مكانه من مكة على أقوال: أحدها: في الدار التي في الزقاق المعروف بزقاق المولد في شعب مشهور بشعب بني هاشم، وكانت بيد عقيل، قال ابن الأثير: «قيل: إنّ رسول الله (ص) وهبها عقيل بن أبي طالب، فلم تزل بيده حتى توفي عنها، فباعها ولده من محمد بن يوسف أخي الحجاج، وقيل: إنّ عقيلاً باعها بعد الهجرة تبعاً لقريش حين باعوا دور المهاجرين.
الثاني: أنّه (ص) ولد في شعب بني هاشم. حكاه الزبير.
الثالث: أنه ولد (ص) بالردم.
الرابع: أنه ولد (ص) بعسفان. 1فيما يتعلق بالمنهج العلمي في التعامل مع عرض الأقوال، يقول الدكتورعبدالله بن ضيف الله الرحيلي:
«إنّ من التدقيق ما يكون خروجاً عن منهج التدقيق والتمحيص، وذلك حينما يكون التدقيق - مثلاً - اتباعاً للاحتمالات الضعيفة، وإسقاطاً للاحتمالات الراجحة، أو الثابتة بالأدلة والمنهج!
إنّ الأخذ بالاحتمالات الضعيفة اتجاه بغير دليل، وإنّ الحكم للاحتمالات الضعيفة في مقابل الاحتمالات الراجحة، أو الأدلة الراجحة عدول عن منهج التحقيق والتثبت، ولو بدا ظاهر الأمر أنه تدقيق. 2* * *
4. المتواتر من الأماكن المأثورة فى مدوّنات التاريخ المكّى الخاص
لم يخل كتاب في تاريخ مكة المكرمة سواء من تأليف المتقدمين أو المتأخرين إلى القرن الرابع عشر - إلاّ ما ندر - من تخصيص فصل خاص بالأماكن المأثورة في مكة المكرمة، و إنخلت بعض كتب المتأخرين منها فلأسباب فكرية تخيم على الوسط العلمي لا تحبذ مثل هذا، فخلت منها تجنباً لإشكالات فكرية عقدية لا تحمد عقباها، يتحقق التدوين لهذه الأماكن المأثورة في مجموعة مختارة إجمالاً في الكتب التالية:
كتاب (أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار) من تأليف العلامة أبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي (ت223ه- / 83(ع) م) ؛ وكتاب (أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه) من تأليف الإمام أبي عبدالله محمد بن إسحاق الفاكهي، من علماء القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، وثالثة الأثافي من المؤلفين المكيين في هذا القرن، الزبير بن بكار، وقد جاء التنويه عن أهمية كتابات هؤلاء المؤرخين؛ يقول الأستاذ الدكتور محمد الحبيب الهيلة:
«عاش في مكة خلال القرن الثالث الهجري ثلاثة من كبار المؤرخين المكيين هم: الأزرقي، والفاكهي، والزبير بن بكّار؛ و كان للأزرقي فضل السبق والتأصيل، وللفاكهي فضل سعة الجمع والإضافة، وللزبير بن