76فتحصّل من النصوص المذكورة أنّخروج الزوجة من البيت من دون إذن محرّم عليها، وموجب لسقوط النفقة لها، فالاستئذان للخروج واجب على الزوجة، بل من وظيفتها.
إنّ الأدلة في الدلالة على اشتراط الاستئذان للزوجة إذا أرادت أن تخرج من البيت مطلقة، ويمكن تقييدها بقسمين: قسم عام، وقسم خاص وارد في الحج.
القسم الأول:
يمكن الاستدلال لتقييد الإطلاقات المذكورة بحديث معروف عن رسولالله (ص) حيث قال: «لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق» . 1رُوي هذا الحديث في العديد من مصادر أهل السنة والشيعة، ويلاحظ أنّمنطوقه آئب عن التخصيص؛ لأنّالنكرة في سياق النفي (لاطاعة) تفيد العموم، هذامن جانب؛ ومن جانب آخر فالحديث حاكم علىالأدلة التي تثبت الطاعة للبعض، بمعنى أنّطاعة المخلوق لو لم تنته إلى عمل فيه معصية للخالق، فهو عمل صحيح، وأمضاه الشارع لما فيه من مصلحة المجتمع؛ أمّا إذا استلزمت طاعة المخلوق معصية الخالق أو ترك طاعة الخالق، فلايجوز إطاعته وفق مفاد هذا الحديث؛ ويمكن الاستدلال بهذا الحديث على عدم اشتراط الاستئذانفي حجة الإسلام بما يلي:
أولاً: أنّحجةالإسلام واجبة لمن استطاع إليها سبيلاً، ويعتبر إتيان الحج طاعة لله تعالى.
ثانياً: أنّخروج الزوجة من البيت بغير إذن زوجها حرام، وعدم خروج الزوجة من البيت طاعة للزوج، لكنها توجب ترك حجة الإسلام (طاعة الخالق) ، وهي معصية للخالق، فلاطاعة للزوج في ترك حجة الإسلام.
فتحصّل أنّه لو لميأذن الزوج لزوجته المستطيعة في السفر إلى الحج، أو نهاها عن السفر؛ لاستلزم نهيه ترك الحج الواجب، وهو معصية، فلااعتبار هنا لطاعة الزوج، ولااستئذانه؛ وعليه، فلايشترط إذن الزوج في حجةالإسلام.
لايقال: إنّالاستدلال به في حجة الإسلام إنّما يتم فيما لو استقر الحج في ذمتها، وأمّا إذا لميستقر، فسيكون نهي الزوج مانعاً عن تحقق الاستطاعة، فلاموضوع لمعصية الخالق؛ وأمّا في غير حجة الإسلام من الحج النذري وغيره ممّا استقر في ذمتها، فلامانع من هذاالاستدلال به فيه. 2لأنّا نقول:
أولاً: عدم الشمول لحجة الإسلام مبني على اعتبار أمر زائد على الاستطاعة العرفية، التي تتمثل في الاستطاعات المعروفة الأربع، وهو عدم استلزام فعل حرام أو ترك واجب، ونحن قد صرّحنا مراراً أنّالاستطاعة المعتبرة في الحج ليست إلاّالاستطاعات المفسرة في الروايات، ولميؤخذ فيها عدم استلزام فعل حرام أو ترك واجب كقيد لتحقق الاستطاعة.