73العسر والحرج والضرر أو عدم شمولها؛ لايخفى أنّالبحث في القاعدة متفرع على أننتخذ في مفاد الاستطاعة المبنى المشهور، وهو الاستطاعة الشرعية المتمثلة في الزاد والراحلة؛ وأمّا لو قلنا بأنّالمراد من الاستطاعة هي الاستطاعة العرفية، فلاتصل النوبة إلى جري القاعدة.
وبناءاً على الاستطاعة الشرعية نقول:
إنّقاعدة العسر والحرج والضرر؛ كل قاعدة منها تخرج مورداً من الموارد المذكورة إذا كانترك النكاح موجباً لحصول المشقة، أو حدوث مرض، أو مظنة الوقوع في الحرام؛ فالحج مقدم على النكاح في التزاحم إلاّفيما تحكم القاعدة عليه بعد صدق الاستطاعة، بحيث إنّواجد الزاد والراحلة مع الحاجة إلى النكاح مستطيع يجب عليه الحج، لكن إذا كانإتيانالحج وترك النكاح سبباً للمشقة العظيمة تقدَّم النكاح، وقاعدة العسر والحرج تكون حاكمة هنا، وهكذا قاعدة لاضرر فيما إذا أوجب ترك النكاح حدوث مرض.
وأمّا ما قيل: من أنّجري القاعدة على المقام غير صحيح؛ لأنّالقاعدة تنفي كل حكم حرجي إذا كانالمتعلق (وهو في المقام الحج) حرجياً، وحيث إنّالحج لايكون حرجياً، بل هو مستلزم لأمر حرجي، فلامورد للقاعدة، بل إطلاقات أدلة وجوب الحج قابلة للتمسك والاستدلال، غير تامة؛ وذلك لأنّالبحث في جري القاعدة هاهنا يرجع إلى المبنى في مفاد القاعدة، وعلى ما هو التحقيق، فإنّالقاعدة تنفي كل موضوع حرجي في المأمور به، وكل حكم استلزم الحرج، وهو هنا تقديم الحج على النكاح مع ما في تركه من مشقة عظيمة، وهو استلزام الحرج؛ فالقاعدة تنفي حكم وجوب الحج الذي يستلزم المشقة، فجرى القاعدة في مورده. 1وما قيل أيضاً: إنّالمشقة العظيمة غير مانعة من وجوب الحج؛ لأنّالحج أيضاً فيه مشقة عظيمة، فلايمكن أنيعارضها مشقة عظيمة أخرى، هو قول غير تام؛ لأنّالمشقة الموجودة في الحج ناشئة من نفس العمل وكيفية أدائه وإتيانه.
وبعبارة أخرى: أنّبعض الأعمال والواجبات متقوم على المشقة أو الضرر كالحج والخمس والزكاة وقاعدة العسر والحرج والضرر لاتنفي هذه الطبيعة، وإلاّفلايكون الحج واجباً لما فيه من مشقة عظيمة، وكذا الخمس والزكاة لما فيهما من الضرر بالمالك، بل القاعدة تنفي المشقة التي لاتحتمل عادةً، ولايتقوم ذات العمل بها، أو تنفي ما يلازم الواجب من مشقة وضرر خارج عن نفس العمل؛ فالمشقة التي تتحقق في الحج لاتأتي من قبل الحكم، ولامما يلازم الحكم، فهي لاتعارض مشقة أخرى تأتي من قبل الحكم و هي التي تنفيها القاعدة.
منشأ اختلاف الأقوال فى المسألة:
ليس في مسألة التزاحم بين الحج والنكاح نصّ و لارواية، فلابدّ أنيُستنبط الحكم من الأدلة العامة في الحج أو النكاح.