67أولاً: لامانع لصدور النذر من المستطيع، ولالانعقاده بأس؛ لأنّالزمانغير مختص بالحج، بحيث لايمكن أنيقع فيه عمل آخر.
ثانياً: أنّاعتبار الرجحانالذاتي في متعلق النذر أيضاً تام، و لايعتبر فيه عدم استلزامه لترك واجب أو فعل حرام، كما مضى بيانه؛ فنذر المستطيع غير حجة الإسلام صحيح، وينعقد نذره بلاإشكال.
2. أمّا بحسب الواقع الخارجي، فإذا نذر المستطيع، فإنّالاستطاعة إمّا تزول قبل العمل بالنذر أو لاتزول.
لامجال للإشكال في الصحة والانعقاد في صورة الزوال؛ لأنّه مع زوال الاستطاعة يُعلمعدم وجوب حجة الإسلام، وأنّالظرف قابل لوقوع غيرها فيه، وبالجملة فإنّشروط الصحة لانعقاد النذر كلها موجودة في هذا الفرض، غاية الأمر عدم العلمبها، بل ربما كانمقتضى الاستصحاب خلافها، إلاّأنّه مع تحقق الزوال يُعلمبتحققها وبطلانالاستصحاب؛ فلو علمأنّه غير مستطيع، فلاينبغي المناقشة في صحة النذر وانعقاده، 1وعلى الناذر أنيقوم بالعمل وفقاً لما نذر.
وأمّا صورة بقاء الاستطاعة وعدم زوالها إلى وقت الوفاء بالنذر، فلاإشكال في انقعاد النذر، وإنحصل التزاحم بين النذر والحج، فنقول في بيانهذه الصورة:
إنّالحج واجب مستقل، ولايعتبر فيه عدم استلزامه لترك واجب أو فعل حرام زائداً على الاستطاعة المفسرة في النصوص، والمتمثلة في الاستطاعات الأربع (توفر المال للزاد والراحلة، تخلية السرب، صحة البدن) كما أنّمتعلق النذر كالحج الندبي أو زيارة الإمام الحسين (ع) يوم عرفة راجح بالذات، ومقدور للناذر ولو في ظرف وجوب حجة الإسلام و لايعتبر فيه - زائداً على التمكن من إتيانه ورجحانالمتعلق - عدم استلزامه لترك واجب أو فعل حرام؛ غاية الأمر، أنّدليل وجوب الوفاء بالنذر يكون مزاحماً لدليل وجوب حجة الإسلام، فالوفاء بالنذر واجب مهم، و إتيان حجةالإسلام بالنسبة إلى النذر واجب أهم؛ لأننا نعلم أنّ للحج موقعاً ممتازاً لايقاس به النذر.
ولما كانالمكلف لايقدر على امتثالهما في زمانواحد، مع أنّكل واحد منهما تام الملاك، ومقتضى الامتثال تقديم الأهم على المهم على الترتب المعروف، وهو يقتضي أنيقوم المكلف بإتيانالحج أولاًفي سنة الاستطاعة، ثم إتيانالمنذور في السنة الثانية قضاءاً.
وعليه، لايقال: لو كانرفع التزاحم وتقديم الحج على النذر من باب الترتب، فيرد عليه إشكال مهم، وهو أنّفي التزاحم أمرين: أمر بالمهم و هو مثل أقم الصلاة؛ وأمر بالأهم، وهو مثل أزل النجاسة عن المسجد؛ فإذا لميقدر المكلف على امتثالهما في زمانواحد، مع علمه بأنّالإزالة أهمّ من الصلاة ولكل منهما ملاك العمل والإمتثال، لكنّ الفورية مع الإزالة لأهميتها؛ فلابدّ من التصرف في دليل المهم، كما لو قيل: أيّها المكلف إنعصيت الإزالة أو بنيت على ترك الإزالة، فأقم الصلاة.
وأمّا فيما نحن فيه، فلابدّ من ملاحظة صيغة النذر ومفاده، ومراد الناذر، فلو وجدنا أنّالنذر وصيغته لايرى فيها التعليق ولاالتقييد، فكيف يمكن أننلاحظ أمر المهم في طول الأمر بالأهم؟ !
لأنا نقول: