362. لاسبيل لمعرفة الإنسان الكامل إلاّ بصيرورة الإنسان كاملاً، وعليه، فلا يمكن إدراك كنه ذواتهم النورية لغيرهم، لا بالعلم الحضوري والمعرفة العرفانية الشهودية، ولا بالعلم الحصولي والمعرفة الحكمية الفلسفية، هم الكاملون و مظهرو الله الذي قيل فيه: «لا يدركه بُعد الهمم ولا يناله غوص الفطن» . 1وبعد اتضاح أنّ إدراك مقام الإنسان الكامل غير مقدور لغيره، نأتي للحديث عن وظيفة الآخرين تجاهه، فوظيفة المجتمع الإنساني أن يدرك بعقله حقانية أهل بيت العصمة (عليهم السلام) ، وبقلبه محبتهم، ويحيي بجسمه وروحه ذكرهم و إسمهم، كالعطشان الذي يبلغ الكوثر الزلال، فيبرّد كبده الحرّى به، ويقرّ عينه، ويبعث الحياة في قواه المتهالكة، فيبعث النشاط في نفسه، ويرطب فمه الجاف «وبينكم عترة نبيكم وهم أزمة الحق وأعلام الدين وألسنة الصدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن وردوهم ورود الهيم العطاش» . 2ويمكن شرح وظائف المجتمع الإنساني بكلمات الإمام الهادي (ع) النيرة في الزيارة الجامعة الكبيرة حيث يقول: «أشرقت الأرض بنوركم وفاز الفائزون بولايتكم، بكم يسلك إلى الرضوان، وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن» . 33. الإنسان الكامل خليفة الله، والمظهر التام لبسيط الحقيقة، وهو الآية الكبرى ل-: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ 4من هنا لا يكون في كل عصر أكثر من خليفة مطلق واحد، وهو شخص واحد جامع لكافة الشؤون الكمالية.
4. جاء عن رسول الله (ص) : «نحن أهل بيتٍ لا يقاس بنا أحد» . 5وهو ما ذكره أميرالمؤمنين (ع) بعبارة أخرى حيث قال: «لايقاس بآل محمد (ص) من هذه الأمة أحد، ولا يُسَوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً؛ هم أساس الدين وعماد اليقين. إليهم يفيء الغالي، وبهم يُلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة» . 6أي لا يمكن أن يقارن أو يقاس إنسان عادي بأهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) ؛ لأنّ الخلفاء الواقعيين والإنسان الكامل يقاسون ببعضهم، وليس بسائر الناس.
إنّ أهل بيت الوحي (عليهم السلام) هم مجاري النعم وأولياؤها، ولا يقاس المتنعِّم أبداً مع مجاري النعمة وأوليائها، إنّ هذه الذوات النورانية هي مظهر للأسماء الحسنى الإلهية، والذات الإلهية الأقدس لاتقاسّ بأي شخص آخر. . . «ولايدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس. . .» . 7