28معناه أنّ الحاج الذي تكون أضحيته خالصة لله تعالى، يصل بنفسه إلى الله كما تصل تقواه إليه تعالى، لأنّ تقواه ليست شيئاً غيره في عالم الوجود، ولعلّه لهذه التقوى الثمينة التي وعد بها في النحر، أطلق على يوم النحر يوم «الحج الأكبر» . 1إنّ هذه التقوى ونيل نفس المتقي لله تعالى، هما الهدف الرفيع الذي يكون الحج وآدابه وسننه المتعالية مظهراً له، وقد سبق الإشارة لذلك عند حديثنا عن سرّ الحج وثمراته، فليراجع.
وقفات حول التضحية و أسرارها
يمكن انطلاقاً مما تقدّمت الإشارة إليه، الحديث عن بعض النقاط ذات الصلة، وهي:
1. إنّ الحكمة من التضحية هي تقرّب المضحّي وتعاليه مع تقواه نحو الله تعالى، فما يصل إلى الله إنما هو روح العمل وباطنه، قال تعالى: لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ . 22. وعليه، إنما تقبل الأضحية إذا كانت التقوى معها، وكان روح ذبحها أو نحرها هي التقوى، وفقاً للآية الشريفة: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ . 3لايقبل أي عمل بلا تقوى، كما أنه لو كان العمل مع التقوى لكن عامله لم يراع تقوى الله في غير هذا العمل، فإنّ هذا العمل وإن قبل منه، لكن لايرتفع إلى الله كما ينبغي، لأنّ الله تعالى إنما يقبل العمل من العامل الذي تكون كل شؤونه - سواء في هذا العمل أم في غيره - قائمة على التقوى ومنتظمةً وفقها.
2. كل عمل يقع بقصد القربة فهو أضحية، حيث ورد في بعض الأحاديث «إن الزكاة جعلت مع الصلاة قرباناً لأهل الإسلام» . 43. سرّ تقديم الأضحية أنّ الحاج والمضحّي يتمسّكان بحقيقة الورع، ويقطع رقبة الشيطان ويقتله، 5وعليه فمجرّد ذبح البقرة، أو الماعز، أو نحر الجمل، ثم تركها دون تأمل في سر هذا العمل، لايحقق أساس تعالي الحاج وتساميه.
4. يقول الإمام الباقر (ع) : «إنّ الله عزوجل يحب إطعام الطعام وإراقة الدماء» . 6و من الممكن أن تكون الحكمة من ذلك في ضمن حكمة استفادة الجوعى والمحرومين، وانتفاعهم من لحم الأضحية، رغم أنه في هذا الزمان لايستفاد بشكل صحيح ومناسب من هذه السنّة الإلهية، و النظام الجامع و المفيد.