41فعلى الإنسان في كلّ حالاته أن يراعي أدب الحضور في المحضر الإلهي و كما يراعي الأدب في مستحبات دخول المساجد و المكوث فيها 1، كذلك لابدّ أن يراعي الأدب أكثر فأكثر في المساجد ذات الحرمة الخاصّة، و بالأخص في حريم الكعبة التي هي أصل المساجد كافة، و التي تسند إلى الله تعالى بالإسناد التشريفي، حيث لميسند أيّ بيت إليه غيرها، حين قال: (بيتي) . 2ينقل أهل المعرفة عند بيانهم لبعض أسرار الحج، قصصاً قد لاتكون لها واقعية و حقيقة خارجية، إلاّ أن روحها و جوهرها حقّ، و من ذلك ما قيل عن أحد أهل القلوب، أنّه دخل على أحد الزعماء بلباس عتيقة متسخة فقالوا له: أتدخل بهذا اللباس على شخص بهذا المقام و المنزلة؟ فأجاب: إنّ الحضور أمام الكبار بلباس متسخة ليس عيباً، إنما العيب لو عاد شخصٌ من عند هذا إلى الكبير بلباس بالية قذرة، ذلك أن هذا يعني أنه لم يره لائقاً بل ردّه، و لميمنعه من عطاياه و هداياه شيئاً.
إنّ مقصود قاصّ هذه القصّة أنّ المشكلة ليست في الحضور بين يدي الله تبارك و تعالى محمّلين بالذّنوب، مادّين له أيدينا الخاطئة، إنّما العود من محضره سبحانه غير مقبولين لديه، و لا مغفوري الذنوب، بل ملطّخين بالآثام لما فعلناه في سالف الأيام.
كذلك قالوا: دخل عارفٌ على صاحب منصب و مكانة، فسألوه: ما الّذي أتيت به؟ فأجاب: لايسأل القادم على العظيم: ماذا حملت معك؟ و إنّما يسأل: ما الذي تريد؟ فلو كان لديه شيء لم يأت إليه.