77وقبل ذلك يمكننا أن نشير إلى أن هناك قولين يعدان من أهم الأقوال في المراد من وَ لَيالٍ عَشْرٍ نؤشر عليهما باختصار:
القول الأول: هو عشر ذي الحجة لما ذكرناه من أسباب خصت بها هذه الليالي منحتها صفات رائعة وجعلتها أياماً فاضلة.
القول الثاني: إن المراد ب- وَ لَيالٍ عَشْرٍ ليال العشر الأخيرة من رمضان؛ لأن الأصل في الليالي أنها الليالي وليست الأيام، وقالوا: إن ليال العشر الأخيرة من رمضان فيها ليلة القدر التي قال الله عنها في سورة القدر: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وقال: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِى لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (25)
وقال هذا الفريق: وهذا القول أرجح من القول الأول، وإن كان القول الأول هو قول الجمهور، لكن اللفظ لا يسعف قول الجمهور، وإنما يرجح القول الثاني أنها الليالي العشر الأواخر من رمضان، وأقسم الله بها لشرفها، ولأن فيها ليلة القدر، ولأن المسلمين يختمون بها شهر رمضان الذي هو وقت فريضة من فرائض الإسلام وأركان الإسلام، فلذلك أقسم الله بهذه الليالي.
ويمكن أن يقال: إن اللغة العربية من السعة بدرجة عالية تسمح بأن تطلق الليالي ويراد بها الأيام والأيام تطلق ويراد بها الليالي.
بعد هذا نذكر الأقوال:
1 - العشر الأول من ذي الحجة عن ابن عباس والحسن وعبدالله بن الزبير وقتادة ومجاهد والضحاك والسدي. قال ابن عباس والحسن ومجاهد والضحاك: وهي العشر الأول من ذي الحجة شرفها الله تعالى ليسارع الناس فيها إلى عمل الخير واتقاء الشر على طاعة الله في تعظيم ماعظم وتصغير ما صغره، وينالون بحسن الطاعة الجزاء بالجنة.
وقد اعتمد هذا القول الشيخ الطوسي في تبيانه بعد أن أضاف للقائلين به كلاً من عبدالله بن الزبير ومسروق وابن زيد. وذكر القول الثاني: العشر من أول محرم، قال: والأول هوالمعتمد.
2- العشر الأوائل من شهر محرم.
3 - العشر الأواخر من شهر رمضان في رواية أخرى عن ابن عباس.
4 - وقيل: إنها عشر موسى للثلاثين ليلة التي أتمها الله بها.
وفي تفسير الأمثل تفصيل وأقوال أخرى ننقلها كما جاءت عنده:
الْفَجْر : في الأصل، بمعنى الشقّ الواسع، وقيل للصبح «الْفَجْر» ؛ لأنّ نوره يشقّ ظلمة الليل.
وكما هو معلوم فالفجر فجران: كاذب وصادق.
الفجر الكاذب: هو الخيط الأبيض الطويل الذي يظهر في السماء، ويشبّه بذنب الثعلب، تكون نقطة نهايته في الاُفق، وقسمه العريض في وسط السماء.
الفجر الصادق: هو النور الذي يبدأ من الاُفق فينتشر، وله نورانية وشفافية خاصة، كنهر من الماء الزلال يغطي اُفق الشرق ثمّ ينتشر في السماء.
ويعلن الفجر الصادق عن انتهاء الليل وابتداء النهار، وعنده يمسك الصائمون، وتصلى فريضة الصبح.
وفُسّر الْفَجْر في الآية بمعناه المطلق، أي: بياض الصبح.