78ولا شك فهو من آيات عظمة الله سبحانه وتعالى، ويمثل انعطافاً في حركة حياة الموجودات الموجودة على سطح الأرض، ومنها الإنسان، ويمثل كذلك حاكمية النور على الظلام، وعند مجيئه تشرع الكائنات الحية بالحركة والعمل، ويعلن انتهاء فترة النوم والسكون.
وقد أقسم الله تعالى ببداية حياة اليوم الجديد.
وفسّره بعض، بفجر أوّل يوم من محرم وبداية السنة الجديدة.
وفَسّره آخرون، بفجر يوم عيد الأضحى، لما فيه من مراسم الحج المهمّة ولاتصاله بالليالي العشرة الاُولى من ذي الحجّة.
وقيل أيضاً: إنّه فجر أوّل شهر رمضان المبارك، أو فجر يوم الجمعة.
ثم يخلص إلى أن مفهوم الآية أوسع من أن تحدد بمصداق من مصاديقها، فهي تضم كلّ ما ذكر.
وذهب البعض إلى أوسع ممّا ذكر حينما قالوا: هو كلّ نور يشع وسط ظلام. . وعليه، فبزوغ نور الإسلام ونور المصطفى (ص) في ظلام عصر الجاهلية هومن مصاديق الفجر، وكذا بزوغ نور قيام المهدي [ في وسط ظلام العالم (كما جاء في بعض الرّوايات) (26)
ومن مصاديقه أيضاً، ثورة الحسين (ع) في كربلاء الدامية، لشقها ظلمة ظلام بني اُميّة، وتعرية نظامهم الحاكم بوجهه الحقيقي أمام النّاس.
ويكون من مصاديقه، كلّ ثورة قامت أو تقوم ضدّ الكفر والجهل والظلم على مرّ التاريخ. .
وحتى انقداح أوّل شرارة يقظة في قلوب المذنبين المظلمة تدعوهم إلى التوبة، فهو «فجر» .
وممّا لا شك فيه أنّ المعاني هي توسعة لمفهوم الآية، أمّا ظاهرها فيدل على «الفجر» المعهود.
وأخيراً وبعد ذكره لكل هذه الأقوال يذكر ما يلي:
والمشهور عن «ليال عشر» : إنّهن ليالي أوّل ذي الحجّة، التي تشهد أكبر اجتماع عبادي سياسي لمسلمي العالم من كافة أقطار الأرض، وورد هذا المعنى فيما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري عن النّبي (ص) . (27)
وقيل: ليالي أوّل شهر محرم الحرام.
وقيل أيضاً: ليالي آخر شهر رمضان، لوجود ليلة القدر فيها.
والجمع بين كلّ ما ذُكر ممكن جدّاً.
وذكر في بعض الرّوايات التي تفسّر باطن القرآن: إنّ «الفجر» هو «المهدي المنتظر [» . . و «ليال عشر» هم الأئمّة العشر قبله (عليهم السلام) . . و «الشفع» - في الآية - هما عليّ وفاطمة (عليهما السلام) .
وعلى أيّة حال، فالقسم بهذه الليالي يدلّ على أهميتها الإستثنائية نسبة لبقية الليالي، وهذا هو شأن القسم، ولا مانع من الجمع بين كلّ ما ذكر من معان.
وفي الهامش يذكر جاءت: وَلَيالٍ عَشْرٍ بصيغة النكرة للدلالة على عظمتها وأهميتها، وإلاّ فهي تنطبق على كلّ ما ذكر أعلاه.
انتهى ما قاله صاحب التفسير الأمثل الشيخ مكارم الشيرازي عند تفسيره سورة الفجر.
ملاحظة:
وإن كان حديثنا يتناول الآيتين الأولى والثانية فقط من سورة الفجر، فمن الضروري ذكر المراد من الآية: وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ باختصار: