154وأزال رسول الله (ص) عن هذه الفريضة المباركة كل ما أصابها من شوائب علقت بها وانحرافات أصابتها بما فعلته أيدي الناس. .
كما أن هذه الآية تعدّ واحدة من آيتين اثنتين تردد رأيهم بينهما في إثبات تاريخ وجوب الحج في الإسلام. . مع أن الآية: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلهِ. . نزلت في السنة السادسة للهجرة، و الآية الثانية 97من سورة آل عمران المدنية: وَ لِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً نزلت في السنة التاسعة للهجرة.
حيث قال جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم آخرون: وإنما وجب علينا فرض الحج بقوله عز وجل: وَ لِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً .
ففريضة الحج لم يأت وجوبها فى سورة الحج كما يبدو بل أظهر الأقوال أنه قد جاء فى قوله تعالى: وَ لِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً .
وتاريخ فرض الحج فيه اختلاف كما قلنا، بل حتى الآية 97 من سورة آلعمران التي قالوا: إنها تحمل تاريخ الفريضة اختلفوا في تاريخ نزولها وتبعاً لذلك يختلف تاريخ الفريضة، وقد فصل القول في ذلك ابن عاشور في التحرير والتنوير حيث قال:
ويتجه أن تكون هذه الآية هي التي فرض بها الحج على المسلمين، وقد استدل بها علماؤنا على فريضة الحج، فما كان يقع من حج النبي (ص) والمسلمين قبل نزولها، فإنما كان تقرباً إلى الله، واستصحاباً للحنفية. وقد ثبت أن النبي (ص) حج مرتين بمكة قبل الهجرة ووقف مع الناس، فأما إيجاب الحج في الشريعة الإسلامية فلا دليل على وقوعه إلا هذه الآية، وقد تمالأ علماء الإسلام على الاستدلال بها على وجوب الحج، فلا يعد ما وقع من الحج قبل نزولها وبعد البعثة إلا تحنثاً وتقرباً، وقد صح أنها نزلت سنة ثلاث من الهجرة، عقب غزوة أحد، فيكون الحج فرض يومئذ.
وذكر القرطبي الاختلاف في وقت فريضة الحج على ثلاثة أقوالفقيل: سنة خمس، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة تسع، ولم يعز الأقوال إلى أصحابها، سوى أنه ذكر عن ابن هشام، عن أبي عبيد الواقدي أنه فرض عام الخندق، بعد انصراف الأحزاب، وكان انصرافهم آخر سنة خمس. قال ابن إسحاق: وولي تلك الحجة المشركون. وفي مقدمات ابن رشد ما يقتضي أن الشافعي يقول: إن الحج وجب سنة تسع، وأظهر من هذه الأقوال قول رابع تمالأ عليه الفقهاء وهو أن دليل وجوب الحج قوله تعالى: وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وقد استدل الشافعي بها على أن وجوبه على التراخي، فيكون وجوبه على المسلمين قد تقرر سنة ثلاث، وأصبح المسلمون منذ يومئذ محصرين عن أداء هذه الفريضة إلى أن فتحالله مكة ووقعت حجة سنة تسع. .
وفي هذه الآية من صيَغ الوجوب صِيغتان: لام الاستحقاق، وحرف (على) الدال على تقرّر حقّ في ذمة المجرور بها. وقد تعسّر أو تعذّر قيام المسلمين بأداء الحجّ عقب نزولها، لأنّ المشركين كانوا لا يسمحون لهم بذلك، فلعلّ حكمة إيجاب الحجّ يومئذ أن يكون المسلمون على استعداد لأداء الحجّ مهما تمكّنوا من ذلك، ولتقوم الحجَّة على المشركين بأنَّهم يمنعون هذه العبادة، ويصدّون عن المسجد الحرام، ويمنعون مساجد الله أن يذكر فيها اسمه.
إذن ابن عاشور، وكما هو واضح من كلامه، مع القول الذي يذهب إلى أن الحج تقرر فرضه في الإسلام سنة ثلاث للهجرة النبوية الشريفة بالآية. . وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. . . والتي نزلت في السنة الثالثة للهجرة.
فيما ذكر الدكتور الزحيلي صاحب الفقه الإسلامي وأدلته: