100أما ما يقدمه كتاب «نشر النور والزهر» عن الفاضلات من علماء الحرم الشريف فإنه يشكل صفحة ناصعة ومشرفة من تاريخنا العلمي والاجتماعي تستحق الإشادة والفخر . فلقد توافر في المسجد الحرام ومكة إجمالاً زمن كانت فيه حلقات علم ودرس للمرأة ولقد توصلت بعضهن إلى مستويات رفيعة من العلم والمعرفة جعلت مؤرخاً مثل السيد عبدالله مرداد أبو الخير يضع لهن مكانة ومنزلة في تراجمه للعلماء وأفاضل مكة . وبطبيعة الحال ربط هؤلاء النساء من حيث تواريخ الوفيات أو المذهب أو الكنية سيساعد على معرفة أي المذاهب عنيت بتعليم المرأة وتشجيعها على النبوغ والتبريز؛ وكذلك أي الخلفيات الإثنية، هل للعربيات دور أم كل الدور لغير العرب؟ إن وجود الطبريات وبهذا الزخم يدل إضافة إلى كل ذلك على وجود تقاليد عائلية ربما امتدت لقرون في شأن تعلم المرأة ورقيها.
أما معرفة ما اهتمت المرأة بتعلمه وتعليمه وأشهر التلاميذ والأساتذة فإن هذه الارتباطات تمكننا من إبراز وفهم ما يمكن أن نسميه المدرسة النسائية المكية . وكيف أن أوضاع المرأة في القرون الماضية على قلة المعلومات المتوافرة لم تكن كلها جهلاً وأمية كما هو سائد، وربما مزيد من البحث والتنقيب ستفرج عنه تفاصيل أوسع وأكبر عن المرأة وأدوارها العلمية والفكرية المختلفة.
وهكذا فإن عملية تكميم البيانات يمكن أن تساعد على فتح آفاق جديدة والإفادة القصوى من بيانات فردية متقطعة مجزأة.
نأمل أن نتمكن من إتمام مشروعنا هذا، الذي لا تقف في طريقه سوى بعض الصعاب المالية والفنية التي نرجو أن نتجاوزها في القريب . آملين بعرضنا المتواضع هذا أن نكون قد أبرزنا جانباً من جوانب خدمة تراث مكة، وأملنا أن توسع المشاريع لتشمل الموسوعات الكبرى في تاريخ مكة كالعقد الثمين.