101
أوّل بيت
رافد الفاضل
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّٰاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبٰارَكاً وَ هُدىً لِلْعٰالَمِينَ ). 1
إنه الأول في الموقع الأهم، والأول في الخير والعطاء، والأول في أماكن العبادة وبيوتها، إنه المسجد الحرام، ذلك المكان المقدس الواقع في قلب الدنيا في قلب مكة المكرمة، قلب الحرم المكي، القلب النابض الذي تتوسّطه الكعبة المشرفة، قبلة المسلمين أينما كانوا، ومركز شعائرالله الأخرى التي يقوم بها الناس في الحج والعمرة. . إنه أرض الله الحرام المباركة وآياته البينات التي راحت تشكل بمجموعها بيت الله المخصّص للعبادة للطائفين والعاكفين والركع السجود حيث فرض الله الحج إليه لمن استطاع إليه سبيلاً. . وجعله مباركاً وجعله هدى للعالمين، وهو بالتالي بيت مبارك تضاعف فيه الحسنات، وتتنزل فيه الرحمات، وتتعاظم فيه الدرجات وبيت صلاح وهداية للناس أجمعين. . وهو مثابة الأمن للخائفين (وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً) منذ أن بناه خليل الله إبراهيم وإسماعيل(عليهما السلام).
« فهذا هو البيت كما يقول سيد قطب الذي اختاره الله للمسلمين قبلة. . وهو بيت الله الذي جعل له هذه الكرامة . وهو أول بيت أقيم في الأرض للعبادة . وهو بيت أبيهم إبراهيم، وفيه شواهد على بناء إبراهيم له . والإسلام هو ملة إبراهيم . فبيته هو أولى بيت بأن يتجه إليه المسلمون . وهو بمثابة الأمان في الأرض . وفيه هدى للناس، بما أنه مثابة هذا الدين.. . » .
وأما الشيخ المكارم فيقول: «فلا عجب إذن أن تكون الكعبة قبلة للمسلمين، فهي أول مركز للتوحيد، وأقدم معبد بني على الأرض ليعبد فيه الله سبحانه ويوحّد، بل لم يسبقه أي معبد آخر قبله، إنه أول بيت وضع للناس ولأجل خير المجتمع الإنساني في نقطة من الأرض محفوفة بالبركات، غنية بالخيرات، وضع ليكون مجتمع الناس، وملتقاهم.. .» .
إن المصادر الإسلامية والتاريخية والقول ما زال للشيخ تحدثنا بأن الكعبة تأسّست على يدي آدم(ع) ثمّ تهدمت بسبب الطوفان الذي وقع في عهد النبي نوح، ثمّ جدد بناءها النبي العظيم إبراهيم الخليل(ع) ؛ فهي إذن عريقة عراقة التاريخ البشري.
ولاشكّ أن اختيار أعرق بيت اسس للتوحيد من أجل أن يكون قبلة للمسلمين، أولى وأفضل من اختيار أية نقطة أُخرى وأي مكان آخر.
هذا، وممّا يجدر الانتباه إليه هو أن (الكعبة) والتي تسمى في تسمية أُخرى ب(بيت الله) وصفت في هذه الآية بأنها (بيت للناس)، وهذا التعبير يكشف عن حقيقة هامة وهي: أن كلّ ما يكون باسم الله ويكون له، يجب أن يكون فى خدمة الناس من عباده، وأن كلّ ما يكون لخدمة الناس وخير العباد فهو لله سبحانه.
كما تتضح ضمن ما نستفيده من هذه الآية قيمة الأسبقية في مجال العلاقات بين الخلق والخالق، ولذلك نجد القرآن يشير في هذه الآية إلى أسبقية الكعبة على جميع الأماكن الأُخرى، وإلى تاريخها الطويل الضارب في أعماق الزمن، معتبراً ذلك أول وأهم ما تتسم به الكعبة من الفضائل والمزايا.. . » وسنذكر بعض أقوال المفسرين في الآتي . 2
و يقول الكاتب الحجازي عمر المضواحي ذو الاهتمام بالكتابة عن الأماكن المقدسة وتاريخها :