٩٢ما يبسّط مسألة خصائص النبي صلى الله عليه و آله، ويضعفها أكثر فأكثر، كما أن بعض من ذكر خصائص للنبي تعرّض لخصائص تكوينية، كأن يبصر وراءه كما يبصر أمامه، وتعرّض لخصائص ترجع إلى حقوقه على المسلمين، كأن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوته، وحرمة سؤال زوجاته إلا من وراء حجاب و. . . ولهذا ينخفض كثيراً العدد الكبير الذي ذكره الصالحي الشامي والسيوطي والعلامة الحلي في التذكرة لخصائص النبي صلى الله عليه و آله بعد إخراج غير الثابت، وما كان من التكوينيات، وما كان من حقوقه على أمته.
ثانياً: ما ذكره أبو شامة المقدسي من أنّ لازم هذا الكلام - أيالتوقف عند احتمال الخصوصية - هو التوقف في أكثر الأحكام الشرعية، الأمر الذي تناقضه سيرة السلف وفقهاء الأمصار ١، وقد أضاف المازريّ إلى هذا الكلام أنّ سيرة الصحابة انعقدت على اتّباع الرسول صلى الله عليه و آله في أفعاله، فإذا شككنا في شرعية خطوتهم هذه لشككنا في أمور أخرى عرفنا شرعيّتها من سيرتهم، مثل القياس وخبر الواحد، وفيه ما فيه ٢.
ويجاب عن ذلك:
أ. إنّه لا يلزم من رفع اليد عند احتمال الخصوصية التوقّف في أكثر الأحكام، فهذا الافتراض غير مطابق للواقع؛ لأن أكثر الأحكام على الإطلاق مأخوذ من الأدلّة اللفظية من كتاب وسنّة، وليس موقوفاً التعرّفُ عليه على الفعل النبوي، ففي هذا الكلام نوعٌ من التهويل.
ب. حتى لو استلزم ذلك التوقف المذكور لا يكون ذلك دليلاً على إلغاء احتمال الخصوصية منطقياً، فهذا أشبه بمنطق الغاية تبرّر الوسيلة، وقد وقع في مثل هذا الأمر بعض أصوليي الإمامية، فقالوا بانسداد باب العلم والعلمي بالأحكام، لكن الانسداد لم يجعلهم يقولون بحجية خبر الواحد أو يتنازلون عن مبرّرات نظريتهم في التشكيك بحجية الظهور لغير المشافهين أو المقصودين بالإفهام، كما حصل مع