85ب. إنه خُلف الخصوصية؛ إذ بعد افتراض اختصاص النبي صلى الله عليه و آله بحكم كيف يمكن القول بثبوت عين الحكم على غيره على نفس الصورة والوجه؟ فما معنى الخصوصية حينئذٍ، إلا خصوصية الخطاب لا خصوصية الحكم؟ ولا يُدرى يُلتزم به هنا أم لا؟ !
الموقف الثالث: ما ذهب إليه إمام الحرمين الجويني في البرهان، من أنّه لا يوجد ما يمنع عن الاقتداء، كما ليس هناك نقلٌ لفظي أو معنوي يفيد اقتداء الصحابة بالنبي صلى الله عليه و آله في هذه الأمور، لهذا كان الأرجح التوقف.
وهذا الكلام ظهر الجواب عليه مما قدّمناه في مناقشة ما نُسب إلى أبي شامة المقدسي؛ وذلك:
أ. كيف يُطلق القول بعدم وجود ما يمنع عن الاقتداء إذا أراد الشمول لما أبيح له، فإنّ المباح له لا معنى لصيرورته من خصوصياته إلا أن يكون حراماً على غيره، وإلا كان خلف كونه خاصّاً به، ومع حرمته على غيره، كيف يقال في هذا القسم: إنه لا يوجد ما يمنع عن الاقتداء به فيه؟ !
ب. أما في غير المباح، كما في الحرام عليه أو الواجب أو المستحب، فلا معنى للقول بعدم وجود ما يفيد اقتداء الصحابة؛ لأنّه حتى لو لم يصلنا ما يفيد الاقتداء منهم، ينبغي أن لا يظلّ حكمنا مقصوراً على ما جاء في سيرتهم، بل المطلوب مراجعة دليل التأسّي وما هو مقدار دلالته؟ فإذا كنّا نعتقد - كما اعتقد بعضهم - أنّ دليل التأسي شامل لمثل ذلك، كان لوحده كافياً في المقام، سواء بلغنا أنّ الصحابة اقتدوا به فيها أم لم يصلنا شيء.
وعليه، فالصحيح هنا هو الموقف الأوّل، وهو إخراج هذه الأفعال عن دائرة حجية الفعل النبوي، من هنا لا تدخل في تعريف السنّة النبوية 1.
النحو الثاني: الأفعال النبوية العامّة التي يُحرز مشاركة النبي للمسلمين في