77واضح؛ وعليه فإذا دلّ الفعل على الإباحة جاز الفعل والترك، وكذا إذا دلّ على الاستحباب جاز الترك، أما الفعل فلا بّد أن يطابق الكيفية، من هنا فعندما نقول:
صورة الفعل نقصد الكيفية التي أتى بها النبي على تقدير إرادتنا الإتيان بالفعل، لا الإتيان بالترك على تقدير جوازه.
ومعنى ما قلناه هو عدم التمييز بين العبادات وغيرها، فما قيل 1من جريان قانون التأسي هذا في العبادات فقط لا غير، لا وجه له؛ لعدم وجود ميزة خاصّة تميّزها عن غيرها في هذا القانون.
وعلى خط الفعل عينه، يأتي الترك، فترك النبي صلى الله عليه و آله لأمرٍ ما لا يدلّ - بدايةً - سوى على جواز الترك بمعنى عدم الوجوب، إلا إذا قامت قرينة على الحرمة أو الكراهة. . فيؤخذ بها، وتمام ما قلناه في الفعل يجري في الترك، لكن بحسبه، ومن هنا يُعلم أنّه لو دلّ دليل على فعل النبي لأمرٍ وتركه له معاً في زمانين، ولم تُحرز خصوصية لزمان أو حال فرضت الفعل تارةً والترك أخرى، دلّ ذلك على الجواز بالمعنى الأخص، بناءً على عدم تركه المستحب أو فعله المكروه، أو دلّت على سقوط الحرمة والوجوب معاً، وهذا معطى إضافي يقدّمه لنا الفعل أيضاً.
ومن هذا كلّه، ظهر أن حجيّة الفعل تعبّر عن درجة من الكشف عن الحكم الشرعي أنقص مما في الأدلّة اللفظية بكثير، فلا معنى للقول بوجوب فعل كلّ ما فعله أو استحبابه ليتحقق مفهوم التأسّي كما ذهب إليه - وفق ما تقدّم - بعض أصوليي أهل السنّة؛ فإن وجوب الإتيان بفعلٍ صدر عن النبي على وجه الاستحباب سيغدو وجوباً ثانوياً، أيوجوب التأسّي لمحض التأسّي، مع أن المراد من التأسّي استطراق الفعل النبوي لمعرفة أحكام اللّٰه في حقنا لا لمحض التأسّي، فإنّ هذا هو الظاهر من الأدلّة؛ إذ يُفهم من القرآن ونصوصه أن النبي صلى الله عليه و آله سبيل لمعرفة