78أحكام اللّٰه تعالى الثابتة بقطع النظر عنه، فيكون فعله وقوله سبيلاً لتحديدها علينا أو لاكتشافها في حقنا بعد أن ثبتت سلفاً، لا ظهور تكليفٍ في حقنا بعد معرفة فعل النبي اسمه التأسّي، حتى لو لم يكن في الواقع حكم للأمر في حدّ نفسه، ومعه فالفعل النبوي طريق وكاشف كالقول لا غير.
أنواع الفعل النبوي وحالاته
ونستعرض هنا بعض أنواع الفعل النبوي، وحكمها، مدخلاً لفهم الموضوع وإشكاليّاته:
1- الأفعال الجبليّة
النوع الأوّل: ما كان من أفعال الجبلّة الطبيعية، كحركات البدن والقيام والقعود والأكل والشرب والنوم واليقظة و. .
وربما نقف هنا أمام ثلاثة اتجاهات أو مسارات في التعاطي مع الأفعال الجبليّة، وهي:
الاتجاه الأول: إنّ هذا النوع من الأفعال لا يدلّ على أزيد من الإباحة، وقد ادّعي الاتفاق على ذلك 1، حتى مع تكرره كثيراً طيلة حياته، وهذا هو التعاطي الصحيح مع هذا اللون من الأفعال؛ إذ جبليّته وطبيعيّته تمنعان عن افتراض أو الجزم بمدركٍ آخر لصدور هذه الأفعال، فوجود الجبلّة يمكنه أن يفسّر لنا ظهور هذه الأفعال بل وتكرارها البالغ هذا، نعم يحتمل وجود أمرٍ آخر، لكن محض الفعل وتكراره هنا لا يعطينا دلالة، فنبقى مع القدر المتيقن وهو الإباحة بالمعنى الأعم، ومحض الاحتمال لا يقدّم شيئاً.
الاتجاه الثاني: ما نقله القاضي أبو بكر الباقلاني - فيما نُقل عنه - من ذهاب