30المناسبة غير الملزمة. ألا ترىٰ أنه إذا ادعى شخص الوكالة عن أحد بحضرته وجعل الدليل على ذلك تخصيص الموكل له بشيء دون الآخرين كالاستيلاء على مورد الوكالة، وسكت المدعى عليه عن الرد، يكون ذلك دليلاً واضحاً على إمضاء الوكالة وصحّتها.
ويشهد بما ذكرنا تعبير القرآن عن المعجزة بالبرهان والبيّنة والآية:
قال تعالى في معجزة موسىٰ عليه السلام: «فَذٰانِكَ بُرْهٰانٰانِ مِنْ رَبِّكَ إِلىٰ فِرْعَوْنَ وَ مَلاَئِهِ» 1.
وقال تعالى في معجزة عيسىٰ عليه السلام: «أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّٰهِ وَ أُبْرِئُ اْلأَكْمَهَ وَ اْلأَبْرَصَ وَ أُحْيِ الْمَوْتىٰ بِإِذْنِ اللّٰهِ وَ أُنَبِّئُكُمْ بِمٰا تَأْكُلُونَ وَ مٰا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» 2.
وقال تعالى: «وَ هٰذٰا كِتٰابٌ أَنْزَلْنٰاهُ مُبٰارَكٌ. . . فَقَدْ جٰائَكُمْ بَيِّنَة» 3.
وأمّا البحث عن إمكان إثبات الدعوى بغير الإعجاز، فالظاهر أنّه كذلك حيث إنّه يمكن تصديق المدعي، بسبب الإلهام أو إخبار صادق محقق؛ ولذا بَشّر بعض الأنبياء ممن سلف بمن يأتي بعده مشفوعاً ببيان علائم تعيّن من بشّر به. نعم الإلهام وإخبار الصادق قد ينتهيان إلى الإعجاز.
وهناك من يدعي أن طريق إثبات النبوّة هو موافقة أحكام الشريعة مع النظام والفطرة، بل يعتبرون ذلك هو الإعجاز، وأمّا ما يصدر على أيدي أصحاب الرسالات من خوارق فهي اُمور لا حاجة إليها بل ربّما قيل: إنّها لاغية غير عقلانيّة. وهذه الدعوىٰ وإن أمكن الموافقة عليها فى شطرها الأوّل؛ إن لم يكن المقصود منها الحصر استطراقاً إلى إبطال المعاجز. ولكنها باطلة فى شطرها الأخير.