29السكيت عن أبي الحسن عليه السلام: لماذا بعث اللّٰه موسى بن عمران عليه السلام بالعصا؟ 1ويده البيضاء وآلة السحر وبعث عيسىٰ عليه السلام بآلة الطب وبعث محمداً صلى الله عليه و آله علىٰ جميع الأنبياء بالكلام والخطب؟ !
فقال أبوالحسن عليه السلام: إنّ اللّٰه لما بعث موسى عليه السلام كان الغالب علىٰ أهل عصره السحر فأتاهم من عند اللّٰه ممّا لم يكن في وسعهم مثله وما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجّة عليهم. وإنّ اللّٰه بعث عيسى عليه السلام في وقت قد ظهرت فيه الزمانات واحتاج الناس إلى الطب وأتاهم من عند اللّٰه ممّا لم يكن عندهم مثله وممّا أحيا لهم الموتىٰ وأبرء الأكمه والأبرص بإذن اللّٰه وأثبت به الحجّة عليهم. وإنّ اللّٰه بعث محمّداً صلى الله عليه و آله في وقت كان الغالب علىٰ أهل عصره الخطب والكلام وأظنّه قال: الشعر، فأتاهم من عند اللّٰه من مواعظه وأحكامه ما أبطل به قولهم وأثبت به الحجة عليهم. فقال ابن السكيت: تاللّٰه ما رأيت مثلك قط.
قال العلامة المجلسي بعد ذكر الخبر: بيان: قوله: آلة السحر، أي ما يشبهه أو يبطله. والأوّل أظهر بقرينة الثاني. يعني الشطر الثاني من الخبر فيما يتعلق بمعجزة عيسىٰ 2.
الجهة الثالثة: في علة صدور المعاجز على يد الأنبياء والأئمة؛ وبعبارة جامعة:
مدعي المنصب الإلهي، والربط بين الإعجاز وصدق مدعيه.
ثمّ على تقدير الربط بين المعجزة وصدق صاحبها فهل ينحصر طريق إثبات الدعوى بالإعجاز أو يمكن إثباتها بوجه آخر؟
ويمكن تحليل الربط بين الإعجاز وصدق صاحبه بأنّه راجع إلى الفطرة والعقل الغريزي؛ فإن تمكين خصوص مدعي منصب خاص بأمر يستلزم الاعتراف بدعواه في بناء العقلاء وفهمهم، ويكون التخلّف عن هذه الطريقة بدون الإعلام إغراء للناس. فالربط بين المعجز وبين الصدق إنّما هو في حد اللزوم لا مجرد