158قال الحسين عليه السلام: «قد سألت أبي عليه السلام عن مدخل رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله فقال: كان دخوله في نفسه مأذوناً له في ذلك، فإذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء:
جزء للّٰه، وجزء لأهله، وجزء لنفسه، ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس، فيرد ذلك بالخاصة على العامة، ولا يدخر عنهم منه شيئاً» .
لسانه صلى الله عليه و آله
وسألته عن مخرج رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: كيف كان يصنع فيه؟ فقال: كان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يخزن لسانه إلا عما كان يعنيه، ويؤلّفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم و يوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عن الناس ويحسّن الحسن ويقويه، ويقبّح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا ويميلوا، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمّهم نصيحةً للمسلمين، وأعظمهم عنده منزلةً أحسنهم مواساة وموازرة.
مجلسه صلى الله عليه و آله
قال عليه السلام: فسألته عن مجلسه صلى الله عليه و آله فقال: كان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، لا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب أحد من جلسائه أن أحداً أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه فصار لهم أباً، وكانوا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة، ولا ترفع فيه الأصوات، ولا يؤبن فيه الحرم، ولا تثنى فلتاته، متعادلين، متواصلين فيه بالتقوى متواضعين، يوقّرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب.