10يركنون إليها وقت الشدائد لتحلّ مشاكلهم ويرضخوا لحكمها فيهم، وتدعم وحدتهم وتدافع عن استقلالهم ومكانتهم. . فتوالت فيها حروب طاحنة ومعارك دامية تذكيها الأحقاد والضغائن وتقودها ثارات قبلية ونعرات عصبية، حتى غدت أمة سيوفٍ مشهورة ورماح مشرعة ودماء نازفة وأعضاء مقطعة وأرامل، وأمهات ثكلى، وأطفال يتامى. . ونكبات وآلام. .
أمة كانت تتقاتل بسبب جَمَل يملكه ضيف إحدى القبائل اقتحم مراعي قبيلة أخرى، أو ناقة قتلت، فما كان منهم إلا أن يدخلوا حرباً ضروساً و يتقاتلوا أربعين سنة تفيض فيها أرواح ودماء سبعين ألف إنسان من كلا القبيلتين: بكر وتغلب وحلفائهما، حتى كادوا ليفنوا عن آخرهم. إنها حرب البسوس تلك المرأة التميمية التي علا صراخها. . واذلاه. . فكانت الحرب ووقع القتال وزهقت الأنفس وسبيت الأمة ودمرت الحياة. . .
وهناك أمة أخرى لا تقل تمزقاً وفرقة وتشتتاً عن تلك الأمة، إنها قبيلتا الأوس والخزرج، وقد سجل لنا التاريخ أياماً مريرة كانت بينهم:
فبعد أول يوم فتنة وقع بينهما (حرب سمير) وانضمّت كل بطون القبيلتين إليها واقتتلوا فيها عبر جولتين شرستين قتالاً شديداً، توالت أيامهم القاسية الأخرى:
يوم الرحابة، ويوم السرارة، ويوم الحصين، ويوم فارع، ويوم الحسر الذي لم تنفع فيه تلك الجهود الكبيرة للإصلاح من قبل رجلين فزاريين بعد أن شاهدا من قتالهم ما آيسا معه من الإصلاح بينهم. . ويوم الربيع وهو حائط في ناحية السفح اقتتلوا فيه قتالاً شديداً حتى كاد يفني بعضهم بعضاً وقد انهزم فيها الأوس ولم ينفعهم فرارهم، فقد تبعهم الخزرج حتى بلغوا دورهم لينزلوا بهم أشد العذاب قتلاً وتدميراً. . ويوم البقيع وفيه رجحت كفة القتال لصالح الأوس. . ويوم الفجار الأول وقد اصطبغت فيه ساحة المعركة بالدم الأحمر، هدف كلٍ من المتقاتلين إفناء الآخر. . ويوم معبس أقاموا فيها أياماً يخوضون قتالاً عنيفاً ضارياً فانهزمت الأوس هزيمة قبيحة حتى لاذت ببيوتها وآكامها. . ويوم الفجار الثاني وقد اتحدت به الأوس واليهود قريظة والنضير ضد الخزرج. . . وبغاث كان يوم حرب ضروس فرّ فيها الأوس أمام الخزرج قبل أن تدور الدائرة على الخزرج