62أحسب أن الذي يحمل الفاسي ومن قبله المحبّ الطبري على نقل رواية الأزرقي دون الفاكهي - إلا بإشارة - هو حسن سياق الأزرقي قال : ويريبني من الأزرقي حسن سياقه للحكايات وإشباعه القول فيها ومثل ذلك قليل فيما يصح عن الصحابة والتابعين . ويريبني أيضاً منه تحمّسه لهذا القول - يعني للقول بأن الموضع الفعلي للمقام هو الموضع الأصلي . حتّىٰ أنه أبدل بعض التعابير في الأحاديث بما يناسب مقالته .
القول الثاني : ما قاله بعضهم : كان المقام لاصقاً بالكعبة في عهد النبي صلى الله عليه و آله حتّى أخّره هو صلى الله عليه و آله إلى موضعه الآن ، واستشهد له ببعض الروايات وردّ عليها بضعف السند .
القول الثالث : كان المقام في عهد النبي صلى الله عليه و آله وبعده لاصقاً بالكعبة حتى حوّله عمر واستشهد له بنصوص .
ثم قال : وقد ينتصر للقول الأوّل بأن عمر لم يكن ليخالف النبي صلى الله عليه و آله ؛ وما معنى تقدير المطلب لموضع المقام وتحرّي عمر؟
وينتصر للقول الثاني بأن أولئك الأئمّة لم يكونوا ليتوهموا بدون أصل؛ فلعلّ النبي صلى الله عليه و آله حوّل المقام أخيراً ولم يبلغهم ذلك .
وينتصر للثالث بأنه قد يقع من عمر ما هو في الصورة مخالفة للنبي صلى الله عليه و آله وهو في الحقيقة موافقه بالنظر إلى مقاصد الشرع واختلاف الأحوال؛ وقد يخفى علينا وجه ذلك ، ولكن الصحابة لا يجمعون إلّا على الحق .
ثم قال : قد أغنانا اللّٰه عن هذا الضرب من الاحتجاج بثبوت النقل عمّن لا يمكن أن يظنّ به التوهم . ثم ذكر الروايات التي تدل على القول الثالث وقال : فقد ثبت بما تقدم - لاسيما حديث عائشة - صحة القول الثالث الذي عليه أئمة مكّة؛ عطاء ومجاهد وابن عيينة .
معأن الإنصاف يقضي بأن قولهم مجتمعين يكفي وحده للحجّة في هذا المطلب .