۶٠وكان ممكناً أن يبقى المقام بجنب الكعبة ويحجّر موضع للصلاة خلفه . فإذا ساغ لعلّة الزحام تأخير المقام من موضعه الأصلي فتأخيره عن موضعه الثاني أولىٰ . ثم أشار إلى وجوه اخرىٰ من المحاذير .
ثم تعرّض بالتفصيل في مجال أنه لا مانع من تحويل المقام بعد وجود المقتضي له؛ فما تقدم كان بيان المقتضي . وأمّا عدم المانع فلأن ما يتصوّر مانعاً امور لا تصلح مانعاً .
منها : ما ذكره جمع من المفسّرين من أن المقام ليس هو الحجر فقط بل المقام هو الحجر والبقعة التي هو فيها الآن؛ وتأخير البقعة غير ممكن .
ثم ذكر أن تحقيق هذا الأمر يستدعي تفصيلاً من المقال في فصول :
الفصل الأوّل: تعرّض فيه لمعنى المقام وأنه الحجر أو المشاعر كالحرم أو غير ذلك . واختار أنه الحجر . وذكر خلافه عن الزمخشري وقال : الزمخشري - على حسن معرفته بالعربيّة - قليل الحظّ من السنّة ، ورأى أنه لا يكون الحجر مصلى على الحقيقة إلّا إذا كانت الصلاة عليه ، وذلك غير مشروع ولا ممكن؛ لصغره؛ ولو وفق الزمخشري للصواب لجعل هذا قرينة على أن المراد بكلمة(مصلّى)قبلة كما قاله السلف؛ أي يصلّي إليه لا عليه ، إمّا بعلاقة المجاورة أو أنه اسم مفعول . فقول الزمخشري مقام إبراهيم الحجر والموضع الذي كان فيه الحجر . . . يردّه أيضاً أن المذكور في الآية مقام واحد لا مقامان .
الفصل الثاني : نكتة إطلاق مقام إبراهيم على الحجر حسبما ذُكر امور ، واختار أن الثابت في وجه تسمية الحجر بالمقام هو القيام الحقيقي لإبراهيم على الحجر الذي يناسب مزيّة له؛ وهو ما وقع من إبراهيم من قيامه عليه لبناء الكعبة ، ثم للأذان بالحج؛ لا ما يحكى - ولو ثبت - من وضعه رجله على الحجر وهو على دابّته .
الفصل الثالث : وضع إبراهيم عليه السلام الحجر أخيراً لاصقاً بالبيت عند جدار الكعبة في الموضع المسامت له الآن؛ وإقرار النبي صلى الله عليه و آله له هناك وصلاته هو وأصحابه