158المدائن إلى الأخضر ليس فيه ماء ، وهو ستون ساعة و قطعناه في ثلاث مراحل ، وحملنا الماء معنا من المدائن إلى الأخضر ، وفي الأخضر قلعة فيها بعض العسكر؛ وفي وسطها بئر ماءها غزير وعذب جداً ، وعليه ناعورة ، تديرها دابة ، فتصبّ في بركة كبيرة ، فإذا جاء الحاج وجدها مملوءة ، فلا يخرج حتى ينفذ ماؤها ولولا ذلك لكثر الزحام ، ولعلّه يسمى بالأخضر لوجود العشب حوله بخلاف باقي المنازل التي هي قاحلة جرداء ، ومن الأمثال فيه«إذا ما وصلت إلى الأخضر ، فامش وتبختر»لجودة مائه وغزارته ، فبقينا فيه ذلك اليوم والليلة التي بعده إلى الصباح .
إلى تبوك
ثم سرنا حتى وصلنا إلى منزل يدعى ظهر المغر ، ليس فيه ماء ، فوصلناه الساعة الحادية عشرة من النهار ، فبتنا به تلك الليلة وخرجنا منه قبل الفجر بساعتين تقريباً ، أعني الساعة الثامنة من الليل فوصلنا إلى تبوك الساعة الرابعة من النهار ، وهي بلدة مسكونة بقليلٍ من الأعراب ، وفيها آبار كثيرة عذبٌ ماؤها ، ونخل وكروم ، ونخلها للحكومة ، وشرينا منها اللحم والسمن والزبد بثمن رخيص .
وجاءتنا بها بعض الهدايا من الشام ، وكان حقّها حسب العادة أن تجيء إلى مدائن صالح مع الجردة ، إلا أن الجردة لاقتنا بالأخضر ، والأمانات بعضها وصل في تبوك والأكثر بقي في معان . وهي التي غزاها النبي صلى الله عليه و آله ولم يلاق حرباً . وفيها مسجد يقال: إنه فيه صلّى النبي صلى الله عليه و آله ؛ وقلعة مشيدة هي أحسن ما رأيناه من القلاع قبلها .
وكتب على بابها على الكاشي أنها بنيت بأمر فلان من السلطان محمد خان من بني عثمان سنة 1064 . وفيها بيوت خربة ومزارع حنطة وشعير . وبقينا بها بقيّة ذلك اليوم والليلة التي بعده إلى الساعة الثامنة ونصف .