157
طريق صعب . . وخرافة
ثم سرنا من مدائن صالح بعد الظهر قاصدين ظهر الحمراء ، فسرنا بقية ذلك اليوم ، وتلك الليلة ، وساعتين ونصفاً من اليوم الذي بعده ، فكانت المسافة نحواً من اثنين وعشرين ساعة ، والطريق وعرة جداً ، ومررنا بين جبلين على هيئةٍ واحدة وعلوٍّ واحد ، كأنهما ساريتان ، وبينهما مقدار ممر قطارين من الجمال فقط ، والناس يسمّونها جبل أبوطاقة ، تشبيهاً لما بين الجبلين بالكوة في الحائط ؛ والطريق بينهما في مكان ذي رمال تغوص فيها أيدي الجمال وأرجلها ، وتسير صعوداً ، وأكثر الناس ينزلون من المحامل عدى العاجز والمرأة ، ويعلو هناك الصياح والضجيج من أهل القوافل ، وربّما ضربوا بالطبول ؛ وأصل استعمال ذلك لتهييج الإبل على السير ؛ خوفاً من وقوفها وسقوطها لصعوبة الطريق بسبب الرمل والصعود ، لكنّه شاع بين العامة أنّ هذا الصياح لئلا تسمع الإبل حنين فصيل ناقة صالح ، الذي هو متغيّب في ذينك الجبلين على زعمهم فتموت ؛ والطريق بعد ذلك أكثره صخور ومزالق ورمال .
إن ما مر يعطي صورة عن صعوبة الطرق ، والمخاطر التي تحف السائر عليها ، وخصوصاً الطرق الصخرية ، حيث يكون السائر معرّضاً للسقوط زلَقاً سواء كان راكباً أو ماشياً ، عدا عن الإنهاك الحاصل من طول الركوب أو المشي .
الأخضر ، واحة الطريق
ثم قال السيد رحمه اللّٰه : وبقينا في ظهر الحمراء من الساعة الثانية والنصف نهاراً إلى الساعة التاسعة ؛ ثم سرنا بقية ذلك اليوم ، وتلك الليلة ، ووصلنا في الساعة الثالثة من نهارها إلى المعظم . فكانت المسافة بينهما نحواً من سبع عشرة ساعة ، والمعظم فيه قلعة عظيمة ، ماؤها من المطر ، لكنه لم يكن فيها ماء . وسرنا من المعظم الساعة التاسعة من نهار اليوم الذي وصلنا فيه ، فوصلنا الأخضر ضحوة الغد ، فكانت المسافة بينهما نحواً من إحدى وعشرين ساعة ، والطريق من