148أمراء أكراد صالحيّة دمشق .
قال رحمه اللّٰه : فخرجنا من مكّة إلى الشيخ محمود ، وهو بمسافة ساعة عن مكّة ، وكانت أجرة الخشب الشامي من مكة المكرّمة إلى دمشق اثنين وأربعين ذهباً عثمانياً في حمل الحاج علي آغا الشيرازي ، وذلك مع أجرة الذهاب والإياب إلى عرفات . وأجرة الكجاوى اثنين وثلاثين ذهباً ، والراكب أحد عشر ذهباً .
والشيخ محمود مسمى باسم ولي مدفون هناك ، قال رحمه اللّٰه : ثم ارتحلنا صباحاً من الشيخ محمود إلى وادي فاطمة كما يسميها أهل الشام ، وأهل العراق يسمونها وادي الشريف ، وهو الذي كان يسمى بمرّ الظهران ، أو بطن مرّ ، وهو مكان فيه نخل ونهر جار وهو [على] مسافة أربعة فراسخ عن مكة تقريباً ، يباع فيه لحم الضأن الجيّد ، والبيض والبطيخ الأخضر والطماطم والليمون الحامض الصغير الأخضر . . . وغير ذلك ، فبتنا فيه ورحلنا منه صباحاً إلى عُسفان ، فوصلناه مساءاً ، وهو مكان مشهور ، له ذكر ، وهو الذي حبس َ فيه هشام بن الحكم الفرزدق الشاعر لمّا مدح الإمام زين العابدين عليه السلام بالميميّة المشهورة .
والمسافة بين عسفان ووادي فاطمة نحو من اثنتي عشرة ساعة ، وريّضوا نحواً من ساعة عند منتصف النهار كما هي العادة ، ويسمونها راضة الظهر ؛ فيبقون الأحمال على الجمال ، ولا ينصبون الخيام ، فيتغدّون ويصلّون ثم يسيرون .
وعادة الركب الشامي أن يضرب مدفعاً عند النزول وآخر عند الرحيل ؛ ولمّا لم يتحقق زوال الشمس قبل المسير صلّينا الظهرين في أثناء السير ، وحملنا الماء من وادي فاطمة إلى عسفان، وقيل: إن بعسفان ماءاً، لكن يتعسّر الوصول إليه لدخول الليل ، ومنع العسكر المحافظ على الحجاج من الخروج خارج«الزنجير»، أي العسكر المحيط بالحاج من العسكر النظامي والجندرمة ، الذين رسمهم أن يسيروا يمين الحاج وشماله حالة السير ، ويحيطون به عند النزول ، فلا يدعون في الليل أحداً يخرج ولا أحداً يلج إذا لم يعرفوه ، فيصيحون به ثلاث مرات ، فإن لم يجب رموه