147
الدخول إلى الكعبة المشرّفة
ودخلنا ليلاً إلى الكعبة المشرّفة ، وصلّينا في جوانبها الأربعة ، وعلى الرخامة الحمراء ، وهي ما بين العمود الأخير الذي يلي حجر إسماعيل ، والذي قبله ، فإن فيها ثلاثة أعمدة من خشب ، ممتدة من وسط الحائط الذي بين الركن اليماني ... إلى وسط الحائط الذي يلي حجر إسماعيل وباب الكعبة المشرّفة ، قريب من الركن الذي فيه الحجر الأسود ، عال عن الأرض بأزيد من قامة ، يُصعد إليه بدرجٍ منقول ، وقوّام الكعبة الذين بيدهم مفاتيحها هم بنو شيبة منذ عهد الجاهليّة إلى اليوم ، ورأينا داخل الكعبة حرّاً شديداً لعدم المنافذ ، مع أن ذلك كان في وسط الشتاء ، لكنّ شتاء الحجاز كقيظ الشام ، وقرأنا في حائطها الداخل ، الذي بين الركن اليماني والركن الذي يلي حجر إسماعيل تاريخ تجديد رخامها الداخل من أبي جعفر المنصور المستنصر باللّٰه في حدود الستمائة ، وهذا هو أبو جعفر منصور بن الظاهر ويلقّب بالمستنصر ، وهو والد المستعصم آخر ملوك بني العبّاس ، وتاريخ آخر بتجديده من السلطان محمد خان في حدود الثمانمائة ، وآخر من بعض الملوك .
الشريف عون
وكان حج السيّد رحمه اللّٰه في إمارة الشريف عون ، وولاية أحمد باشا والي الحجاز . أما عن علاقة أمير مكة بأهلها فقال رحمه اللّٰه : وكان أهل مكة يخافون الشريف عوناً ويبغضونه ، خوفاً وبغضاً شديدين ، ويميلون إلى ابن أخيه الشريف علي ، الذي تولّى إمارة مكة بعد وفاته . ووالي الحجاز من قبل الدولة العثمانيّة ليس له مع الشريف من الأمر شيء ، وعنده عساكر نظاميّة ؛ وعند الشريف عسكر يسمّى البيشة .
وبقي سيدنا رحمه اللّٰه في مكّة إلى الثامن والعشرين من ذي الحجّة الحرام ، حيث خرج منها بطريق البر مع أمير الحج الشامي عبد الرحمن باشا اليوسف ، من