130اللهم لبيك ؛ لبيك لا شريك لك ؛ إلا شريك هو لك ؛ تملكه وما ملك! . ويوحّدونه بالتلبية ، ويدخلون معه آلهتهم ويجعلون ملكها بيده . . . وكانت تلبية عك إذا خرجوا حجاجاً ، قدّموا أمامهم غلامين أسودين من غلمانهم ، فكانا أمام ركبهم .
فيقولان : نحن غرابا عك ! فتقول عك من بعدهما : عك إليك عانيه ، عبادك اليمانية ، كيما نحج الثانية ! وكانت ربيعة إذا حجت فقضت المناسك ووقفت في المواقف ، نفرت في النفر الأول ولم تقم إلى آخر التشريق 1.
ثم جاء الإسلام ؛ فأعاد الأمور إلى نصابها الإبراهيمي ، حيث بيّن النبي صلى الله عليه و آله كل شؤون الحج كما يريدها اللّٰه تعالى ؛ أضف إلى ذلك إلغاءه النسيء وعودة مواقيت الحج والعبادات الزمانية إلى حيث شاء الله تعالى أن تكون .
وقد كان لرحلة الحج في الإسلام نكهتها الخاصّة ، رغم المعاناة غير العاديّة التي يتكبّدها المؤمنون فيها ، وخاصّة بعد عقد الإحرام ، حيث يحرم على الحاج أمور كثيرة عدّها الفقهاء في محلّها ، ولم تكن رحلة المحرم رحلة يوم أو بعض يوم كما هو الحال في زماننا ، حتى يسهل عليه أمر السفر وهو كذلك ، وقد حَرُمَ عليه جملة من الأمور . . لا بل كان سفر الحج عموماً يعني رحلةً في المجهول من المخاطر ، لذا كان من أكثر ملازمات هذه الرحلة كتابة الوصيّة .
وعلى ما وصف بعض مؤرخي السيرة ، فقد استغرقت رحلة النبي صلى الله عليه و آله من المدينة إلى مكة أسبوعاً ، وليس بين المدينة ومكة غير قرابة الخمسمائة كيلومتر ، فكيف حال أهل الشام والعراق ، ثم فارس وما بعدها من بلاد الإسلام ، وأفريقيا وما والاها ؟ لذا قلت: إن رحلة الحج كانت ذات نكهة خاصة ، فهي مغامرة ملؤها القصص ، فالحاج إن كتب له العودة بالسلامة إلى بلده ، بعد أداء فرضه ، يكون لديه من القصص والحكايات ما يشدّ المستمعين .
واليك قصة رحلة من هذه الرحلات ، قام بها واحد من كبار علماء المسلمين