127القريبة ، من رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله وبقدمه في الإسلام ، ونصرته ، وجهاده ، و بمن وصفه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بصفات عظيمة ، لم تتوفر لغيره كالأخوة ، والوصية ، والخلافة ، والولاية . . . ، وقد عصت على الجميع وأبت إلاّ أن تكون لعليّ وعليّ فقط . وهو رفيق رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وصهره لابنته الراحلة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وهو شقيق جعفر الطيار زوجها الشهيد ، وهو عمّ أولادها الثلاثة . وهو فوق كل هذا وغيره ، أروع شخصية صنعتها السماء بعد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ، وبدخولها هذا المنزل المبارك تكون قد دخلت أفضل وأعظم مصداق لمدرسة النبوة والإمامة ، و من أوسع أبوابها ، لتكون أنموذجاً حياً لأخلاق القرآن والإسلام . . .
لقد تزوج أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بأسماء بنت عميس ، وانتقلت إليه برفقة أولادها الأربعة ، ليتذوقوا مفاهيم وقيم النبوة والإمامة ، من أصدق منابعها؛ وعاشت معه ، فكانت صورةً رائعة للمرأة المسلمة ، والداعية المؤمنة ، وقد أولدها يحيى و عوناً ، فكانت مثالاً حياً للزوجة الصالحة ، والأم المربيّة ، فجعلت الإمام عليه السلام معجباً برجاحة عقلها ، وهو ما تنطق به سيرتها ، و ماتجده واضحاً حينما اختلف كل من ولديها:
" محمد بن جعفر و محمد بن أبي بكر" وراح كل منهما يتفاخر بأبيه ، فقال كلّ منهما للآخر: " أنا أكرم منك ، وأبي خير من أبيك" .
وأحال الإمام عليّ هذا الأمر إليها - رضوان اللّٰه تعالى عليها - لتقضي بينهما ، إذن ، كيف استطاعت أن ترضيهما ؟ !
وقفت أسماء بينهما ، و قالت غير مترددة ولا منتظرة طويلاً : "ما رأيت شاباً من العرب خيراً من جعفر ، ولا رأيت كهلاً خيراً من أبي بكر" . فسكت الولدان ، وتصالحا .
فقال عليّ مداعباً : " فما أبقيت لنا أو ما تركت لنا شيئاً ، ولو قلت غير الذي قلت لمقتك !