120وحقّ إخوانها الذين صحبوها في المشوار الطويل هجرةً ودعوة ، وها هي تبشِّر وتَنْشُر هذا الأمر بين من كانوا ، يأتونها جماعات للسؤال عن حديث رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله وقضائه لهم بالسبْق في الهجرة والجهاد .
فسرّت بقول رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله هذا وأثلج صدرها ، ولم يكن ذلك من رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله تطييباً لخاطرها ، وإراحةً لنفسها فقط ، بل كان منه صلى الله عليه و آله توضيحاً للحقيقة ، وتبييناً للواقع العظيم الذي عاشوه ، والهدف الكبير الذي حملوه ، وقطعاً لدابر الفتنة ، فهم تركوا مكة فارّين بدينهم إلى الحبشة ، فكانت هجرة ، وهم كذلك انتقلوا من بلاد الحبشة إلى المدينة المنورة ، فهذه هجرة أخرى !!!
الامتحان الكبير:
حلّت أسماء في بيت النبوة مع زوجات النبي صلى الله عليه و آله وبناته ، فيما راح جعفر يشهد مع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله مواقفه الجهادية . . . إنه ابتلاء آخر لإيمان أسماء ، وصبرها ، وصمودها ، وثباتها ، إنه يوم مؤتة ووقعتها ، يوم الشهادة ، شهادة من ؟! شهادة زوجها جعفر ، وهو يقارع أعداء الإسلام ونبيه . . .
حزن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله حزناً شديداً حين وصله خبر استشهاد عزيزه وحبيبه جعفر ، الذي كان يحظى بمعزة خاصة ، ومنزلة رفيعة عنده صلى الله عليه و آله ، فهو شبيهه وداعيته الثابت الواعي والمجاهد الواعد ، فكان يستحق منه ذلك الألم والحزن . . . ، جاء صلى الله عليه و آله أسماء ، وهو يحمل إليها نبأ استشهاد حبيبها ، ورفيق إيمانها وهجرتها ، وها نحن نقرأ ما قالته رضوان اللّٰه تعالى عليها .
«أصبحتُ في اليوم الذي أصيب فيه جعفر وأصحابه ، فأتاني رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ولقد هنأت(أي دبغت أربعين إهاباً من أدم)وعجنت عجيني ، وأخذت بنيّ فغسلت وجوههم ودهنتهم ، فدخل عليّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ، فقال:
«يا أسماء: أين بنو جعفر؟»فجاءت بهم ، فقبّلهم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وبكى ، فأحست أسماء بحدوث شيء لزوجها ، فسألت النبي صلى الله عليه و آله ، فقال لها: