121«قتل جعفر اليوم»
فقامت تصيح وتنحب ، حتى اجتمع عليها الناس يهدؤنها من روعها .
فقال صلى الله عليه و آله : "يا أسماء! لا تقولي هجراً ولا تضربي صدراً" ، فكان حزنها عظيماً وبكاؤها مريراً . . .
وفي خبرٍ آخر ، إنه لما نعى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله جعفراً إلى زوجه أسماء بنت عميس ، قامت وصاحت وجمعت الناس ، فدخلت عليها فاطمة بنت النبي صلى الله عليه و آله وهي تبكي وتقول: وا عمّاه!
فقال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله : على مثل جعفر فلتبك البواكي!!!
فكان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يطمئنها قائلاً:
«يا أسماء! هذا جعفر بن أبي طالب ، قد مرّ مع جبريل وميكائيل»، فرد عليه السلام، ثم قال صلواتاللّٰهعليه: فعوّضه اللّٰه عن يديه جناحين يطير بهما حيث شاء.
وورد إنه صلى الله عليه و آله توجه بالدعاء قائلاً: أللهم اخلف جعفراً في أهله وبارك لعبداللّٰه .
ثم رجّع - بتشديد الجيم - وقال: إصنعوا لآل جعفر طعاماً ، فقد شغلوا عن أنفسهم .
وقد نقل الصدوق عن الإمام الصادق عليه السلام : إنّ النبي صلى الله عليه و آله أمر فاطمة أن تأتي أسماء بنت عميس ، ونساؤها وأن تصنع لهم طعاماً ثلاثة أيام ، فجرت بذلك السنّة .
وما إن ذكرت أسماء يتم أولادها حتى قال صلى الله عليه و آله لها:
«العيلة تخافين عليهم ، وأنا وليهم في الدنيا والآخرة». رواه أحمد .
ثم رثته رضوان اللّٰه عليه ببيتين من الشعر ، وهو ما عثرت عليهما:
فآليت لا تنفك عيني حزينة
وهي القائلة : ما رأيت شاباً من العرب ، كان خيراً من جعفر .
ظلّت أسماء صابرة وفية لذكرى زوجها ، وحبيبها ، ورفيق دربها ، يظهر كل هذا وغيره من خلال انكبابها على رعاية أولادها ، وتنشئتهم تقرؤهم القرآن ، وتعلّمهم مبادئه ، ومفاهيمه ، وأحكامه ، ولم يشغلها أولادها عن الدعوة إلى اللّٰه تعالى بين أخواتها المؤمنات . . . وبقيت مجالسها عامرة بذكراللّٰه تعالى .
وفاؤها لفاطمة الزهراء عليها السلام :
كانت تتوفر على حبّ كبير ، ومودة عالية لسيدة نساء العالمين ، فاطمة الزهراء عليها السلام ، ونورد هنا بعض ما روي في حبّها وتعلقها المتواصل بسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام :
فقد روي في تزويج فاطمة عليها السلام : أنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أمر النساء بالخروج ، فخرجن مسرعات إلاّ أسماء فقد تأخرت ، فدخل النبي صلى الله عليه و آله .
وهنا تقول أسماء:
"فلما خرج رأى سوادي ، فقال: مَن أنتِ؟
فقلت: أسماء بنت عميس .
قال: ألم آمرك أن تخرجي؟!!
فقالت: بلى يا رسول اللّٰه ، وما قصدت خلافك ، ولكن كنتُ قد حضرت وفاة خديجة ، فبكتْ عند وفاتها ، فقلتُ لها: تبكين وأنت سيدة نساء العالمين ، وزوجة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ، ومبشّرة على لسانه بالجنة ؟!
فقالت: ما لهذا بكيتُ . . ولكنّ المرأة ليلة زفافها لابدّ لها من امرأة ، وفاطمة حديثة عهد بصبا ، وأخاف أن لا يكون لها مَن يتولّى أمرها .
فقلت لها: يا مولاتي ، لك عهد اللّٰه عليّ إن بقيت إلى ذلك الوقت ، أن أقوم مقامك في ذلك الأمر .