117أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردّهم إليهم».
فما كان من النجاشي إلاّ أن أرسل بطلب وفد المسلمين ، يسألهم بشأن هذا الأمر ، فتقدم جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه ، زوج أسماء ، فقال:
«أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، حتى بعث اللّٰه إلينا رسولاً منا ، فدعانا إلى اللّٰه لنوحّده ونعبده ، ونخلع الأوثان ، وأمرنا أن نعبد اللّٰه وحده ، لانشرك به شيئاً ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام . . .»
فتشوّق النجاشي لسماع المزيد؛ فسأله عما جاء به النبي صلى الله عليه و آله من عنداللّٰه ، فما كان من جعفر إلاّ أن أسمعه من سورة مريم . . .
فبكى النجاشي حتى أخضلّت لحيته ، وبكت معه أساقفته ، فقال النجاشي:
«إنّ هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاةٍ واحدة ، إنطلقا ، فلا واللّٰه لا أسلمهم إليكما ولا يكيدهم أحد».
فكان ذلك سبباً في إسلام النجاشي ، وكان النجاشي سبباً في إسلام وفد قريش ، والذي كان من بينهم عمرو بن العاص .
وقد سمّى النجاشي ولده(عبد اللّٰه)على اسم ابن جعفر وهو عبد اللّٰه ، وليس هذا فقط ، بل إنّ أسماء قد أرضعته مع ولدها عبد اللّٰه بن جعفر ، وبالتالي فهما أخوان بالرضاعة، وهذا دليل على عمق العلاقة بين العائلتين: عائلة النجاشي وعائلة جعفر.
إنّ ذلك كان اختباراً عظيماً لهذه الفئة المؤمنة ، وأسماء منها تؤدي رسالتها كأفضل داعية قولاً وعملاً وسلوكاً . . .
هجرتها الثانية:
كم كان سرور رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله عظيماً حين عادت أسماء وجعفر من الحبشة إلى المدينة المنورة ، وهو يعيش فرحة فتح خيبر ، وقد عبّر عن فرحتيه ، فقال صلى الله عليه و آله بعد