116المهاجرين ، المجاهدين ، الصابرين ، الصادقين ، بعد أن أدركا أن الآخرة خير من الأولى .
إذن ، ما إن وصل المهاجرون إلى بلاد الحبشة ، حتى كانت أسماء وزوجها جعفر ، وهو أمير المهاجرين ، وابنهما عبد اللّٰه على قول ، في مقدمة ذلك الركب العظيم ، وكانت واحدة من ست عشرة امرأة مهاجرة . . . ليقيموا في بيت بسيط تكتنفه آلام الغربة ، والبعد عن الرسول صلى الله عليه و آله وصحبته المباركة ، وعن الوطن والأحبة ، وتملؤه المودة ، والمحبة ، والاحترام ، لتجعل منهما مثالاً للزوجين الصالحين ؛ حقاً لقد ملأ هذا الصحابي الجليل ، حياة زوجته أسماء بكل معاني الخير ، مما حداها أن تكون شريكته الصالحة في حمل مسؤولية هذا الدين الحنيف ، ونشر دعوته في مهجرهما الجديد؛ إضافةً إلى تحملها تربية أولادها الثلاثة الذين منّ اللّٰه تعالى عليهما بهم ، فقد أنجبت لجعفرفي بلاد الحبشة : عبداللّٰه ، و محمداً ، وعوفاً ، وكان ولدها عبد اللّٰه أكثر شبهاً بأبيه الذي كان شبيهاً بالنبي الكريم صلى الله عليه و آله فكانا كلما اشتاقا لرؤية رسول الرحمة صلى الله عليه و آله ملئآ عيونهما منه .
بقيت هذه الصحابية المؤمنة الصابرة وزوجها في الحبشة خمس عشرة سنة أو أقلّ من هذا بقليل ، وقعت فيها أمور عديدة واصل فيها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله دعمه لهم ، عبر موفده عمرو بن أمية الضمري رضى الله عنه يتفقدهم ، ويستوضح ما عندهم ، ويعلمهم أحكام اللّٰه ، وما ينزل من آيات قرآنية .
وفي المقابل كانت قريش هي الأخرى ، ترسل وفودها إلى ملك الحبشة ، لتحثه على تسليمهم وإعادتهم إليه ، فقد جاء وفد من قريش إلى ملك الحبشة (النجاشي)يطالبونه بإعادة المسلمين إلى مكة ، وكان يضم عمرو بن العاص ، وكانوا يقولون له:
«قد ضوي إلى بلدك منّا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ، ولم يدخلوا في دينك ، وجاؤوا بدينٍ ابتدعوه ، لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك فيهم