89
الأوّل : هل يحرم التصرّف المعجز؟
إذا حصلت الاستطاعة بعامة شرائطها ، فهل يجوز للمستطيع أن يُعجز نفسه بالتصرّف في ماله ، بنحو الهبة والوقف وغير ذلك أو لا؟ الظاهر كون الحرمة أمراً مفروغاً عندهم .
ولكن هنا إشكالاً وهو : أنّ وجوب الحجّ وجوب مشروط ، والواجب المشروط لايقتضي حفظ شرطه ، فكما لا يقتضي إيجاده حدوثاً ، لا يقتضي وجوب إبقائه بقاءاً .
وقد أجيب عن الإشكال بالفرق بين قول : «المستطيع يجب عليه الحجّ»، وقول : «من استطاع إليه سبيلاً» ، فإنّ الأوّل ظاهر في إناطة الحكم بالوصف حدوثاً وبقاءً ، دون الثاني فهو ظاهر في كفاية وجود الشرط حدوثاً ، ونظيره ما إذا قيل : «إذا سافر وجب عليه القصر»، فإنّه يكفي في ترتب الحكم ، تحقّق السفر آناً ما فيبقى الحكم وإن زال السفر ، بخلاف ما إذا قيل: «المسافر يجب عليه القصر» ، إذ عندئذٍ يكون الحكم منوطاً بالسفر حدوثاً وبقاءً 1.
يلاحظ عليه : أنّ ما استظهره من أنّه إذا تعلّق الحكم بالمشتقّ ، يشترط في حمل المحمول بقاء الموضوع حدوثاً وبقاءً ، منقوض بقوله سبحانه : «وَ السّٰارِقُ وَ السّٰارِقَةُ » 2 و «اَلزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي» 3، وغيرهما من عناوين الضارب، والقاتل ، والسالب التي يكفي في صحّة إطلاقها ، تلبّس الذات حدوثاً لابقاءً ، وادّعاء وجود القرينة على كون التلبس فيها بالحدوث دون البقاء ، غير صحيح في عامة الموارد ، كآكل مال الغير وشارب مائه ، أو لابس ثيابه ، وهاتك حرمته ، إلى غير ذلك من الموارد التي يكفي فيها التلبّس حدوثاً ولا يلزم التلبّس بقاءً .