6بالتوحيد الدائم الأصيل ، ونفي الشرك الجليّ والخفي .
الشاهد الآخر هنا كلام النبي صلى الله عليه و آله في سفر الحج بعد حمل الجهاز على الراحلة :
«هذه حجة لا رياء فيها ولا سمعة»، ثم قال :
«من تجهّز وفي جهازه علمٌ حرام لم يقبل اللّٰه منه الحج» 1 .
وعليه ، فالحج توحيد مجسّم وأنموذج من التوحيد الجامع ، والتوحيد هو تلك الفطرة التي خلق اللّٰه الناس عليها ، والتي لا تبديل لها . . .
الوحي المجسّم
الحجّ تمثيل للوحي ، ذلك أن مناسكه تجلّت بالوحي وظهرت ، وقد أخذها الأنبياء عن الملاك الأمين على الوحي جبريل عليه السلام .
وتوضيح ذلك أنّ النبي إبراهيم عليه السلام طلب من اللّٰه سبحانه بعد بناء الكعبة أن يُبدي له كيفية العبادة في هذا البيت : «وَ أَرِنٰا مَنٰاسِكَنٰا» 2 ، وبعد هذا الطلب جاءه جبرائيل ، وأنجز أمامه أعمال الحجّ ، ودلّه على مناسكه بصورةٍ عينية خارجية ، ليقوم الخليل عليه السلام بتكرار هذه الأعمال بعده 3 .
إنّ هذه الإراءة والتعليم لم يكونا شيئاً جديداً ولا من مختصات إبراهيم عليه السلام ، بل قد تقدّمه آدم عليه السلام في هذا المضمار ، حيث ظهر له جبرئيل ، كما ظهر أيضاً على أفضل الأنبياء وخاتمهم 4 ، حيث أخذ منه الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله مناسكه .
يقول الإمام الصادق عليه السلام في هذا المجال :
«إنّ اللّٰه بعث جبرئيل إلى آدم ، فقال : . . . إن اللّٰه أرسلني إليك لأعلّمك المناسك التي تطهر بها . . .» 5 .