56العبيد وهو المطلوب .
ولهذا قال في مواضع كثيرة من القرآن : «مَنْ عَمِلَ صٰالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَسٰاءَ فَعَلَيْهٰا» 1 ، وقال : «قَدْ جٰاءَكُمْ بَصٰائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهٰا وَ مٰا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ» 2 .
وهاهنا أبحاث كثيرة نختصر 3 على ذلك ، وإذا تقرر هذا ، وعرفت هذه المقدمات والضوابط والقواعد التي فيها بحكم الآية والخبر ، فلنشرع في الترتيب والتفصيل ، وكيفية ترتيب هذا الحج ، والوصول إلى المقصد ، وهو هذا :
إعلم أنه من أراد أن يتوجه إلى هذا البيت ويقصد زيارته ، أعني الوصول إليه ، يجب عليه أولاً أن يأخذ الإحرام من مشاهدة عالم المحسوسات مطلقاً ، بمعنى أن يحرم على نفسه مشاهدة عالم الجسمانيات ومايتعلق به من اللذات ، ثم يتوجه إلى عالم الروحانيات التي هي بمثابة الحرم ومكة وبكة وغير ذلك من الاعتبارات حتى يصل إليهم بالفعل ، ويتصف بصفاتهم ويتخلق بأخلاقهم ، ويحصل له معارف ذواتهم وخواصهم ولوازمها ، ثم يتوجه إلى الكعبة الحقيقية التي هي النفس الكلية ومعارفها وحقايقها ، ويطوف بها سبعة أشواط ليحصل له بكل شوط معرفة كلّ فلك من الأفلاك السبعة أو العلوم السبعة القرآنية 4 المشار إليها بقوله عليه السلام : «إن للقرآن ظهراً وبطناً ولبطنه بطناً إلى سبعة أبطن» .