۵٧ثمّ يتوجه إلى مقام إبراهيم الذي هو مقام الوحدة والحضرة الواحدية المعبرة عنها بالعقل الأول والروح الأعظم ، ويصلي فيه ركعتي الشكر بوصوله إلى تلك الحضرة ، والركعتان عبارتان عن فنائه أولاً عن عالم الظاهر ، وثانياً عن عالم الباطن وما اشتمل عليهما من المخلوقات والموجودات حتى نفسه .
ثمّ يتوجه إلى السعي بين الصفا والمروة ، أيبين عالمي الظاهر والباطن؛ ليطلع عليهما بسعيه واجتهاده مرة اخرى ، ويقطع النظر عن الكثرة بمطالعة ما في ضمنها من الوجود الواحد الحق ، ويستقرّ في المقام الجمعي المقصود بالذات ، كما قال عليه السلام :
«الدنيا حرام على أهل الآخرة والآخرة حرام على أهل الدنيا ، وهما حرامان على أهل اللّٰه» .
ويعرف هذا أيضاً من تقسيم أهل الشمال وأهل اليمين والمقربين المتقدم ذكرهم ، وإليه أشار العارف بقوله : وعليكم بهما ، فإن جامعهما موحد حقيقي جامع للجميع ، وله المرتبة العليا والغاية القصوى .
ثم يقصّر بمروة عالم ١ الظاهر التي هي نهاية الكثرة بإسقاط ما بقي عنده من الأنانية ورؤية الغير .
وهذا تمام أفعال العمرة المتمتع بها إلى الحج .
ثمّ يتوجه إلى الكعبة مرةً اخرى إلى مشاهدة النفس الكلية والاطلاع على حقائقها؛ ليأخذ إحرام الحج من عندها تحت ميزاب العقل على الترتيب المعلوم .
ثم يتوجه إلى مقام عرفات النفس والعقل عند الجبل الحقيقي الذي هو العرش الصوري مظهر العقل الأول ، ليتحد بهما بقوة المعرفة الحاصلة له بأن الكل واحد ، ولهذا سمي هذا المقام عرفاتاً ، لأنه مقام المعرفة الحقيقية ، وليس وراء هذا الحضرة حضرة اخرى إلا حضرة الذات الممتنع الوصول إليها لأحد ، والمراد بالوصول