54
إِبْرٰاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ » 1 .
وقوله : «وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً» إشارة إلى أن من دخل البيت المذكور على الوجه المذكور أمن من جميع الشبهات والشكوك ، وعلى الخصوص من المشركين 2 المذكورين أعني الجلي والخفي ، وعلى الجملة عن حجب رؤية الغير مطلقاً .
وقوله : «وَ لِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ » أيوللّٰه على الناس المستعدين لهذا المقام حج هذا البيت ، أيقصد هذا البيت على الوجه المذكور ، أيمن حيث المعرفة والمشاهدة والكشف والشهود .
وقوله : «مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» دليل على تخصيصه بطائفة متمكنين منه مستطيعين لسبيله بقوتي العلم والعمل ، فإن زاد هذا الحج وراحلته المسمّى بالاستطاعة العلم والعمل ، أيالعلم النافع والعمل الصالح .
والعلم النافع يحصل بوجهين : إما من اللّٰه تعالى بغير واسطة أحد من البشر ، وهو المعبّر عنه بالوحي والإلهام ، والكشف ، وإما منه بواسطة بعض عبيده من العارفين كالأنبياء والأولياء 3 والرسل ، وإليهما أشار بقوله في الأوّل :
«اِقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ اَلَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسٰانَ مٰا لَمْ يَعْلَمْ » 4 .
وفي الثاني بقوله : «وَ إِذْ أَخَذَ اللّٰهُ مِيثٰاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّٰاسِ وَ لاٰ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرٰاءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مٰا يَشْتَرُونَ » 5 .
والعمل الصالح أيضاً يكون على قسمين :