23الإسلامية .
ولمزيد من إيضاح فكرة ظهور الحكومة في الحج وتجلّيها فيه ، لابدّ من التركيز المضاعف على ما قام به الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله في حجة الوداع ، وما قاله للناس ، وما قرّره لهم من القضايا السياسية الهامة وغيرها .
المظهر التام للتبرّي من الطاغوت
بُعث الأنبياء الإلهيون جميعهم كي لا يفرش نسر الشرك وطائره ريشه فوق قلّة هرم التوحيد ، وأن لا يحرموا بشيطان الطاغوت والعصيان في حرم الوحدانية السامي 1 ، فالكعبة والحج والزيارة محور التقوى ، وأساس الاجتناب عن الطغيان ، والتمرّد في وجه الطاغوت .
لقد أظهر المولى سبحانه مناسك الحج بالوحي لخليله إبراهيم 2 ، ولا ثمر لذلك ولا نتاج سوى التوحيد ، وهذه المناسك التوحيدية هي التي علّمها خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله لسالكي طريقه ومتّبعيه ، حيث قال : «خذوا عني مناسككم» 3 .
وحيث قام بناء التقوى الفولاذي على قاعدة التوحيد التي لاتهتز أو تختلّ ، وكان الحج هو التجسيد الجلي للتوحيد؛ قال اللّٰه سبحانه - ضمن إصداره أوامر الحج - : «اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ . . . وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّٰادِ التَّقْوىٰ » 4 .
وحول الأضحية ، وهي من مناسك الحج ، التي كانت ممتدّة في تاريخ السنن والعادات الجاهلية مشوبةً بالشرك ، يكلّمنا اللّٰه تعالى في إرشاد تقوائي فيقول : «لَنْ يَنٰالَ اللّٰهَ لُحُومُهٰا وَ لاٰ دِمٰاؤُهٰا وَ لٰكِنْ يَنٰالُهُ التَّقْوىٰ مِنْكُمْ » 5 ، أي يناله الاجتناب عن الذنوب ، والقيام ضدّ العاصي ، والتورّع عن المعصية ، والثورة ضدّ المذنبين المتمرّدين ، والإمساك عن العصيان ، والصرخة ضدّ العاصي ، والاجتناب عن