١۶لتفعل فعلها أو تتدخّل .
يتحدّث الشيخ الصدوق ، المحدّث الشيعي الشهير ، عن هذا الأمر فيقول :
«وإنما لم يجر على الحجّاج ما جرى على تبّع وأصحاب الفيل؛ لأنّ قصد الحجاج لم يكن إلى هدم الكعبة ، إنّما كان قصده إلى ابن الزبير ، وكان ضدّاً لصاحب الحقّ ، فلمّا استجار بالكعبة أراد اللّٰه أن يبيّن للناس أنّه لم يجره ، فأمهل من هدمها عليه» ١ .
وعليه ، فاختلاف أبرهة عن الحجاج في أ نّه ظالم أراد تخريب الكعبة وتدمير القبلة ، أما الحجاج فلم يكن يقصد الكعبة بسوء ، بوصفها قبلةً ومطافاً ، بل كان يريد - فقط - السيطرة على ظالمٍ مثله لم يكن يعرف إمام زمانه ، ألا وهو سيد الشهداء والإمام السجاد عليهما السلام .
نعم ، الحجاج كابن الزبير جرثومة لا تعرف الحق ، وعنصر مناهض للولاية ، وقد كان الطرفان ساعيين للإطاحة بنظام ولاية أهل البيت عليهم السلام ، وكان خصامهم على حطام الدنيا ، لا لعدم مساعدة ابن الزبير لسيد الشهداء والإمام السجاد عليهما السلام .
ومن هذا الحدث يتضح جيداً أن معارضة الولاية والإمامة أمر منبوذ جداً إلى حدّ أنّ كلّ من يخالف قيادة الإمام عليه السلام ويذره وحيداً فريداً دون أن يساعده ، بل يتخذ موقفاً مضاداً له ، ثم يزعم لنفسه أنه داعية الولاية ، لن ينعم بالأمان الخاص الإلهي حتى لو احتمى بالكعبة وقصدها .
ومن هذه الحادثة يعلم جيداً قدر الإمام وحرمة الولاية وعزّة الخلافة الإلهية ، تماماً كما يعلم قدر حقه (الإمام) ونورانيته ، وجماله ، وجلاله ، وكبريائه ، ومشيئته ، وقدرته جيداً بالتحليل العقلي ، ذلك أن حرمة الحرم والبلد الأمين إنما تنتهي إلى الكعبة ، وحرمة الكعبة تنتهي إلى الإمام الذي اختاره اللّٰه سبحانه للولاية ، وحرمة الإمام تنتهي بدورها إلى الحق المطلق ، أي اللّٰه تعالى الذي تخضع له تمام الموجودات وتخشع في حضرته ومكانته .
وعليه ، فلو أمهل اللّٰه سبحانه ظالماً ليخرّب الكعبة ، فلا ينتقض بذلك قوله تعالى : «وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحٰادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذٰابٍ أَلِيمٍ » ٢ .