146تأبى الاحتمال الثاني ، فما هو المرجّح؟
وقد يقال هنا : إن دوران الأمر بين التخصيص لا بلسان الحكومة - كما عليه الاحتمال الخامس - والتخصيص بلسانها ، كما هو الاحتمال الثاني ، يفرض تقديم لسان التخصيص بدون الحكومة ، إذ يراه العُرف أقلّ مؤونةً ، وأسرع انسباقاً إلى الذهن العرفي ، ولاحظ ذلك من نفسك .
لكن مع ذلك كلّه ، نلاحظ علىٰ هذا الاحتمال الأخير الخامس أنّه لو صحّ نسأل : هل هذا البيان الوارد في مجمل هذه النصوص هو بيان عُرفي واضح للكشف عن أنّ حرمة الجدال مخصوصة بالجدال المرفق باليمين؟! هل قول : «الجدال هو لا واللّٰه وبلىٰ واللّٰه» يستفاد منه عرفاً هذا المعنىٰ ، سيّما بقرينة الحصر في بعض النصوص؟! لماذا لم يرد في أيّ نصّ حديثي أيّ لسان آخر أوضح في الدلالة؟! أليس الاحتمال الأوّل هو المنسبق إلى الذهن وقد أحرزنا بطلانه؟ ألا يشهد لذلك - من باب التأييد - أنّه هو ما فهمه جلّ العلماء المتقدّمين؟!
إنّ هذا - وللإنصاف وعند النظر بعرفيّةٍ إلى النصوص - ما يفقدنا الوثوق بالدلالة المذكورة ، رغم لطافتها في الاحتمال الخامس ، فليراجع القارئ الروايات بروح عرفيّة بعيدة عن التصوّرات المسبقة ليتأكّد ممّا نقول .
نعم ، لو كان هذا اللفظ منصرفاً عند العرب إلىٰ معنىٰ خاص أوجب اتكال الإمام عليه السلام عليه ، لأمكن ذلك ، لكنّنا لا نحرز هذا الأمر ، ومعه فلا يكفي مجرّد الافتراض .
وعليه ، يظهر أنّ كلّ احتمالٍ من الاحتمالات التفسيرية السابقة فيه جهة ضعف ، وأضعفها الأوّل ، وأفضلها الأخير ، لكن لا ترجيح قاطع يجمع بين الروايات جميعها ، وعليه تتعارض القرائن والشواهد ، ويُرجع إلى العمومات الفوقانيّة ، وهي الآية الكريمة الدالّة علىٰ نفي مطلق الجدال ، الذي يعني النزاع ونحوه ، وإلّا فيرجع إلىٰ أصالة عدم الحرمة ويؤخذ بالقدر المتيّقن ، وهو الذي يجمع