14وبعبارةٍ أخرى : إنهم أبناء هذه المواقف العبادية بلحاظ بعض النشآت الوجودية ، وهم أمراؤها وأصلها ومصدرها بلحاظ نشآت وجودية أخرى .
ومعنى الكلام النوراني للإمام السجاد عليه السلام أن الابن الحقيقي لمكّة إنما هو حامي روح القبلة ، وحارس قلب المطاف ونفسه ، إن الابن الواقعي لمنى هو ذاك الذي لا يأسف على إيثارٍ بدم أو نثار، بغية حفظ الوحي وما فيه ، إنّه يُحكم علاقته بأرض التضحية عبر الفداء والعطاء .
إنّ المولود الحقيقي لزمزم إنما هو الذي يرشّ أفضل الدماء تحت أقدام غرس الإسلام حتى تنمو بذلك وتكبر ، كما أن الابن الواقعي للصفا هو الذي لا سبيل للرجس والنجس والرجز إلى حرم قلبه ، فهو منزّه - طبقاً لآية التطهير 1 - عن مختلف أنواع الرجس ، وكل قذارة ولوث ودنس .
لانفع للحجّ بدون الولاية ، ولا لقصد الكعبة من دون الإمامة ، ولا لحضور عرفات دون معرفة الإمام
الإنسان الكامل هو الإمام المعصوم عليه السلام والذي بدونه لا حرمة للحرم ومواقفه ، من هنا ، فالزائر الذي لا يعرف الإمام المعصوم ، ويضع جانباً مسألة الإمامة ، ويتخذ إدارة أمور المسلمين في العالم هذواً وباطلاً ، ويفصل ما بين قيادة سواد الناس وبين الحج والزيارة وسائر العبادات ، ويراها أمراً عادياً يرجع إلى خيار كل فردٍ من الناس ، ولا يرى كرامةً لهداية خلق اللّٰه وتدبير أمورهم . . . لا يعرف في الحقيقة الإنسان ، بل لم تطأ قدمه حريم الإنسانية ، من هذا المنطلق يتحدّث الإمام الباقر عليه السلام عن مثل هذا الزائر والحاج فيقول : «أترى هؤلاء الذين يلبّون ، واللّٰه لأصواتهم أبغض إلى اللّٰه من أصوات الحمير» 2 .