62قال : إنّ الإحرام أمر إنشائي يوجده المحرم بتحريم المحرمات على نفسه ، وإن كان لا يؤثر في التحريم قبل التلبية ، كما هو المستفاد من المحقّق في الشرائع .
ثمّ إنّه قدس سره ذكر كلام المحقّق في الشرائع في إحرام الحجّ حيث جاء فيه : «ثمّ ينشىء إحراماً آخر للحج من مكة» ، وهو ظاهر في أنّ الإحرام أمر إنشائي ، وعبر بذلك في التحرير والسرائر 1 .
ويلاحظ عليه : أنّ الإنشاء يحتاج إلى سبب ، فما هو السبب؟ فإن كان السبب هو الالتزام القلبي على تحريم المحظورات - كما هو ظاهر كلامهما - فهو ممنوع ، لأنّ الإنشاء يحتاج إلى سبب إما فعلي - كما في المعاطاة - أو قولي ، والمفروض عدمهما ، وإن كان السبب هو التلبية ، فهو ليس سبباً عرفياً لتحريم المحرمات ، بل هو إجابة لدعوة إبراهيم الخليل القريبَ والبعيد إلى زيارة البيت الحرام ، حيث إنّه سبحانه يخاطب إبراهيم بقوله : [ وَ أَذِّنْ فِي النّٰاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجٰالاً وَ عَلىٰ كُلِّ ضٰامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ 2 ] .
وأمّا ما استدل به من كلام الشرائع ، فالظاهر أنّ مراده من الإنشاء هو نفس الإحرام ، أي يحرم إحراماً آخر وراء الإحرام للعمرة . لا أنّ الإحرام من الأمور الإنشائية مقابل الأمور الواقعية الّتي يحكى عنها بالألفاظ ، وعلى فرض صحة إنشاء الأُمور النفسية بالالتزام فهو تفسير عقلي ، غير مطروح لأكثر المحرمين .
5 . الإحرام حالة تمنع عن فعل شيء من المحظورات
عرّف الشيخ جعفر كاشف الغطاء الإحرام بقوله : هو عبارة عن حالة تمنع عن فعل شيء من المحرّمات المعلومة ، ولعلّ حقيقة الصوم كذلك ، فهي عبارة عن المحبوسية عن الأمور المعلومة ، فيكونان غير القصد ، والترك ، والكف ، والتوطين ، فلا يدخلان في الأفعال ، ولا الأعدام ، بل حالتان متفرعتان عليها ، ولا يجب على