61إن قلت : إذا كان الإحرام غير متحقق إلّا بالتلبية فبماذا تفسر قول الراوي قال : كتبت إلى أبي إبراهيم عليه السلام : رجل دخل مسجد الشجرة فصلّى وأحرم وخرج من المسجد فبدا له أن قبل أن يلبي أن ينقض ذلك بمراجعة النساء . . . 1 .
قلت : هو محمول على مجاز المشارفة ، أي تهيأ للإحرام ، كما أنّ الحال هو كذلك في بعض الروايات السابقة .
ويلاحظ عليه أولاً : إنّ ما استدلّ به من الروايات لا يدلّ إلّا على أنّ مفتاح الإحرام هو التلبية ، وأنّ الحاج ما لم يُلبّ لا تحرم عليه المحظورات ، أمّا أنّ حقيقة الإحرام عبارة عن أمر مسبّبي حاصل من التلبية ، ووصفه بإدخال النفس في حرمة اللّٰه فلا يستفاد من هذه الروايات .
وبعبارة أُخرى : إنّ ما أفاده أنّ التلبية سبب والإحرام أمر اعتباري يتولد من التلبية أمر لا يستفاد ممّا أورده من الأحاديث . نعم لو أراد من قوله : إدخال النفس في حرمة اللّٰه ، مصداق الحرمة ، أعني العمرة والحج ، لرجع إلى الوجه السادس الّذي هو المختار ، وعندئذ يلاحظ عليه بأنّه لماذا عدل عن التعبير الواضح إلى التعبير المعقّد؟!
وثانياً : لوكان الإحرام أمراً اعتبارياً متحصّلاً من التلبية التي نسبتها إليه نسبة المحصِّل إلى المحصَّل يلزم الاحتياط في كلّ ما شك في جزئية شيء أو شرطيته للإحرام ، وهو كما ترىٰ .
4 . الإحرام أمر إنشائي يوجد بتحريم المحرمات
إن الإحرام صفة خاصة ، تجعل للمحرم بتوسط الإلتزام بترك المحرمات أو نيّة ترك المحرمات ، لا أنّه نفس الترك للمحرمات 2 ، فيكون الالتزام سبباً لإنشاء الإحرام وحصوله ، نظير سائر المفاهيم الإيقاعية الّتي تنشأ بالالتزام .
وهذا القول هو أيضاً خيرة بعض الأساطين على ما في تقريرات درسه ، حيث