49نتيجته هو الحديث الذي يذكرونه :
«ما أُوتَي الجَدَل قومٌ إِلاَّ ضَلُّوا» .
والمقصود من الحديث - كما يذهب مفسرو السنّة - الجَدَلُ على الباطل وطَلَبُ المغالبة به ، لا إظهار الحق ، فإن ذلك محمود؛ لقوله عز وجل : [وَ جٰادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ] .
و في الحديث الصحيح المتفق عليه عندهم فيما رواه المغيرة بن شعبة عنه صلى الله عليه و آله وقد حذر فيه من ثلاثة أشياء :
«إن اللّٰه ينهاكم عن ثلاث : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال» .
ولقد ذكر شُرّاح هذا الحديث وبينوا أنّ المراد بقوله صلى الله عليه و آله : «قيل وقال» ينهاكم عن قيل وقال ، أي ينهاكم عن الجدل فيما لا فائدة منه إلا تضييع الوقت وتمزيق الصف الواحد الذي ينبغي أن يتمتع به المسلمون في كل عصر ، والمعنى الذي أراده صلى الله عليه و آله ب «كثرة السؤال» التنطع في توجيه الأسئلة إلى ما لا فائدة من الحديث فيه وإلى ما لا خير في الوقوف عنده ، إلا أن تكون العاقبة نقاشاً ينتهي إلى خصام ، وخصام ينتهي إلى أحقاد وضغائن ، وبالتالي ينتهي إلى تمزيق لوحدة الأمة .
وقد ذكر المفسرون - كما ينقل الرازي والقرطبي في تفسير الآية -وجوهاً للمراد من الجدال نختصرها كالآتي :
- الجدال أن تماري مسلماً فيغضب وينتهي إلى السباب والتكذيب . . .
- إن قريشاً كانوا إذا اجتمعوا بمنى قال بعضهم : حجنا أتم أو أبر . وقال آخرون : بل حجنا أتم أو أبر . فنهاهم اللّٰه عن ذلك .
- قول بعضهم : الحج اليوم ، وقول الآخر : الحج غداً ، لاختلافهم في حساب الشهور ، إما على رؤية الأهلة أو على العدد . . . .
- جدالهم لرسول اللّٰه صلى الله عليه و آله حين أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة ، فشق عليهم ذلك وقالوا : نروح إلى منى ومذاكيرنا تقطر منياً؟ فقال صلى الله عليه و آله : «لو استقبلت من أمري