258هذه القصيدة من أقدم الآثار التي تعطي صورة واضحة لطريق الحج من عراق العجم إلى مكة المكرمة ، وهذا الطريق كان عامراً لقرون عديدة ، وكان حجاج عراق العرب والعجم يسلكونه للتشرف بالحج ، وقد أتبع قصيدته هذه بقصيدةٍ اخرى في وصف المنازل الموجودة بين البصرة ومكة .
محورية مكة في النصوص الجغرافية الكلاسيكية
يقوم كلّ ما دوّن بالعربية في المصادر الجغرافية الفارسية القديمة حول الحجاز ، وخاصة الحرمين الشريفين ، على أساس النظرية القائلة : إنّ مركز الأرض هو الكعبة المعظمة ، وهذا الاعتقاد بالمركزية كان معتمداً على معطيات دينية قبل أن تكون جغرافية ، كما ورد في بعض الروايات أخبار حول يوم دحو الأرض (25 ذي القعدة الحرام) بوصفه يوم بسط الأرض من تحت الكعبة .
كانت كثير من المصادر الجغرافية القديمة - في التمدن الإسلامي - من تأليف الإيرانيين ، حيث كانوا يؤلفونها بالعربية أو الفارسية . . .
فعلى سبيل المثال ، المسالك والممالك لأبي إسحاق إبراهيم الإصطخري - من مدن فارس - (الذي له نصوص عربية وفارسية قديمة من القرون الهجرية الأولى) يبدأ بحثه ب (ديار العرب) . وقد جاء في وصف ديار العرب ما ترجمته :
«تبركاً وتيمناً نبتدىء بديار العرب وأطرافها لأن القبلة بها وهي أمالقرى ، وبذلك الموضع لا يسكن غير العرب ، والأرض خاص بهم ، ولا يشاركهم فيها أحد» 1 .