138المؤمن المجاهد الصابر!
حزن المقاتلون المسلمون على أبي حذيفة ، ووجموا حين عرفوا أنهم يقتلون رجلاً منهم . وراحت نظراتهم تتسابق حائرةً مدهوشةً تتجه هنا وهناك تارة نحو حذيفة وأخرى نحو أبيه الذي أردوه قتيلاً ، يلاحقها الألم والندم على ما فعلوه .
نظر حذيفة إليهم نظرات طويلة يوزعها عليهم ، وهو يرى أباه صريعاً بسيوفهم ومع ما تحمله نظراته تلك من ألم وحرقة وحزن ، راحت تحمل معها العفو والرحمة والمغفرة والشفقة عليهم ، ويمكننا أن نجد هذا مجسداً في ملامح وجهه ونحن نقرأ ما كانت شفاهه تردده :
"يغفر اللّٰه لكم ، وهو أرحم الراحمين" . .!!
ونجد كل هذا أيضاً حينما تصدق بدية أبيه التي أعطيت له أو أعطاها له النبي صلى الله عليه و آله ، فما إن استلمها حتى تصدّق بها على فقراء المسلمين ، وهنا دعا له رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله بخير .
إنه ذو إيمان وثيق وولاء عميق ، جعله محباً لمن حوله متسامحاً يحسن الظن بإخوانه!
و إنه لموقف عظيم وكريم زاده حباً في قلب رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وقلوب المسلمين وظل ذكراً طيباً له!
وهذا نص الرواية التي تحكي لنا ذلك :
في معركة أحد قتل المسلمون أباه "حسيل بن جابر" رضي اللّٰه عنه ، اشتباهاً ، حيث كانوا لا يعرفونه مما جعلهم ذلك يدفعون ديته إلى ابنه حذيفة ، الذي قام بدوره بالتصدق بها على المسلمين .
وفي رواية : إن أبا حذيفة قتل مع النبي صلى الله عليه و آله يوم أحد ، أخطأ به المسلمون ، فجعل حذيفة يقول لهم : أبي ، أبي ، فلم يفهموا حتى قتلوه .