137
لم يشهد بدراً!
نعم غاب حذيفة وأبوه عن معركة بدر الكبرى ، وكان هذا منهما رعايةً للعهد الذي قطعاه مع المشركين .
وها هو يذكر لنا سبب عدم اشتراكه في المعركة المذكورة حيث يقول : ما منعني أن أشهد بدراً إلا أني خرجت أنا وأبي الحسيل ، فأخذنا كفار قريش فقالوا :
إنكم تريدون محمداً فقلنا : ما نريد إلا المدينة ، فأخذوا علينا عهد اللّٰه وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه .
فأتينا النبي صلى الله عليه و آله فأخبرناه الخبر .
فقال : نفي لهم بعهدهم ، ونستعين اللّٰه عليهم .
شهد معركة أحد :
وقد ترك لنا فيها موقفاً يدل على عظمة الرجل وصلابة إيمانه ويقينه بالقضاء والقدر ، وهو صاحب الكلمة المعروفة التي راح لسانه يرددها في سماء المعركة بصدق وإخلاص
يغفر اللّٰه لكم . . .!
فقد شهد هو وأبوه معركة أحد ، وأبليا فيها بلاءً حسناً ، وفي أثناء القتال أخطأ بعض المسلمين فحملوا على حسيل والد حذيفة فقتلوه اشتباهاً ، وكان ذلك على مرأى من حذيفة ، الذي راح يصيح بهم ولكنهم لم يسمعوه حتى نفذ قضاء اللّٰه في أبيه رضوان اللّٰه عليه ، حين قضى نحبه في ساحة المعركة لا بسيوف أعداء اللّٰه ورسوله من مشركي مكة وحلفائها ، بل بسيوف إخوانه المسلمين .
ففي ميدان هذه المعركة حانت من حذيفة نظرة فإذا به يرى أباه وسيوف إخوانه من المجاهدين المسلمين تنهال عليه اشتباهاً ، يظنونه واحداً من المشركين . . . فما كان من حذيفة إلا أن راح يصرخ بهم بقوة فلعله بهذا ينقذ أباه :
أبي أبي! ويكرر صياحه : إنه أبي إنه أبي! ولكن القضاء الذي لا مردّ له نزل بأبيه